أطروحة الدكتوراه حول موضوع: “عودة المغرب لمنظمة الاتحاد الإفريقي: أية تحديات قانونية وحقوقية”

الدكتور ياسر الصافي

تقرير حول مناقشة أطروحة لنيل شهادة الدكتوراه في القانون العام

بعنوان: “عودة المغرب لمنظمة الاتحاد الإفريقي: أية تحديات قانونية وحقوقية

احتضن مدرج الحسين السنوسي بكلية العلوم الاقتصادية والاجتماعية والقانونية بسلا بتاريخ 28 فبراير 2023، ابتداء من الساعة الثالثة بعد الزوال مناقشة أطروحة لنيل شهادة الدكتوراه في القانون العام تقدم بها الطالب ياسر الصافي بعنوان: “عودة المغرب لمنظمة الاتحاد الإفريقي: أية تحديات قانونية وحقوقية” والتي أشرف عليها الأستاذ: محمد بنحمو.

تألفت لجنة المناقشة من السادة الأساتذة التاليين: د. نوال بهدين أستاذة التعليم العالي بكلية العلوم القانونية والاقتصادية-سلا بصفتها رئيسة لجنة المناقشة؛ د. محمد بنحمو أستاذ التعليم العالي بكلية العلوم القانونية والاقتصادية-سلا بصفته مشرفا وعضوا؛ د. خديجة بوتخيلي أستاذة التعليم العالي بكلية العلوم القانونية والاقتصادية-سلا بصفتها عضوا؛ د. محمد حمزة بولحسن أستاذ مؤهل بالكلية المتعددة التخصصات-الرشيدية بصفته عضوا.

وبعد افتتاح جلسة المناقشة وكلمة ترحيبية من طرف الرئيسية، أعطت للطالب الكلمة لعرض مناقشته أمام اللجنة، والتي استهلها بدوره بكلمة ترحيبية للحضور واللجنة وأيضا أستاذته د. لبابة عاشور أستاذة التعليم العالي بكلية العلوم القانونية والاقتصادية-سلا كمشرفة أولى قبل إنتهاء مهامها العلمية والتعليمية بالكلية.

عموما وبعد كلمات العرفان والشكر هذه، انتقل الطالب المترشح لنيل شهادة الكتوراه مباشرة وبشكل موجز ومختصر ليعرض مضامين قسمي الأطروحة، التي أخذت العنوان السابق الإشارة له.

وكتقديم عام للموضوع أو ضح الطالب أنه:

تسعى هذه الأطروحة للتأمل في السياسة الخارجية المغربية بإفريقيا والتطور الذي لحق بها، خاصة في عهد الملك محمد السادس، حيث شهدت الدبلوماسية المغربية على المستوى القاري نوعا من البراغماتية والواقعية في التدبير وصنع القرار، مما ساعد على بلورة استراتيجية متكاملة نحو إفريقيا تقوم على عدة مرتكزات تروم تحقيق مجموعة من الأهداف يراوح مداها بين قريب ومتوسط وبعيد.

وبالفعل حققت الاستراتيجية المتبعة مجموعة من الأهداف على عدة مستويات، ولعل كان أبرزها العودة المؤسساتية لمنظمة الاتحاد الإفريقي بعد أزيد من ثلاثة عقود، نظرا لانسحاب المملكة المغربية من منظمة الوحدة الإفريقية بسبب قبول عضوية كيان غير معترف به أمميا على مستوى المنظمة الإقليمية لاعتبارات سياسية لا علاقة لها بالترتيبات الإدارية والقانونية.

لذا تنطلق هذه الأطروحة من البحث في الشق الثاني من الاستراتيجية المغربية في إفريقيا بعد نجاح الشق الأول منها في تحقيق أهدافه المحددة، على اعتبار الشق الثاني من الاستراتيجية يطرح مجموعة من التحديات القانونية والحقوقية بالنظر لما لحق المنظمة من تغير جوهري على مستوى المنظومة القانونية التي تعد نسبيا متطورة. وتتمثل هذه التحديات أساسا في مسألة التوظيف السياسي للنظام الإقليمي لحقوق الإنسان وهياكل وأجهزة الاتحاد الإفريقي في تمرير قرارات وتوصيات تدعم الانفصال بالصحراء المغربية والدفع في اتجاه خلق مسار موازي غير ذاك الذي تسهر عليه منظمة الأمم المتحدة.

وبناء على هذه المعطيات تطرح إشكالية مدى واقعية إثارة الدول الإفريقية للقضايا الحقوقية والديمقراطية كورقة ضاغطة على المغرب بالاتحاد الإفريقي والآليات التابعة له في ظل المكتسبات التي راكمتها المملكة في هذين المجالين ومع حقيقة الواقع الحقوقي والديمقراطي بالقارة ككل؟

وللإجابة عن هذه الإشكالية تأخذ هذه الأطروحة بثلاث فرضيات مفادها كالتالي:

الفرضية الأولى: إن انفتاح النظام السياسي والممارسة الديمقراطية والتعاون الثنائي ومتعدد الأطراف يتيح للمغرب صوتا مؤثرا على القرارات والتوصيات داخل منظمة الاتحاد الإفريقي لصد الأجندات المعاكسة الرامية لخلق مسار موازي للتسوية الأممية بالتنظيم القاري.

الفرضية الثانية: أثر الانفتاح السياسي والممارسة الديمقراطية ومختلف أشكال التعاون الثنائي أو متعدد الأطراف سيخول للمغرب التأثير نسبيا على قرارات وتوصيات منظمة الاتحاد الإفريقي في ظل تواجد محور يضغط لاستصدار توصيات وقرارات معاكسة للتوجه المغربي.

الفرضية الثالثة: رغم الحصيلة الإيجابية للمغرب في مختلف المجالات التعاونية والانفتاح السياسي والديمقراطي لن يكون لها أي تأثير على القرار الإفريقي من داخل المنظمة، بالتالي ستتمكن الأنظمة المعاكسة صاحبة التفوق المؤسساتي من فرض الاختصاص الإقليمي لتسوية النزاع المفتعل.

وقصد رصد وتفسير الفعل والتوجه المغربي على المستوى الإفريقي، تعتمد هذه الأطروحة على النظرية الليبرالية المؤسساتية التي تنبني على أساس افتراضي يؤدي لسلوكات تعاونية وسلمية بين الدول بالنظام الدولي في ظل تزايد عدد المنظمات الدولية والإقليمية وتوسيع شبكة الاعتماد المتبادل.

ولقد تم في معالجة الإشكالية الرئيسية للأطروحة الأخذ بعدة مناهج، كالمنهج المقارن للمقارنة بين الوحدة الإفريقية والاتحاد الإفريقي، والمنهج النسقي للكشف عن العوامل الداخلية والخارجية المساهمة في البناء الاستراتيجي المغربي بإفريقيا، والمنهج التاريخي بهدف استقصاء الخلفيات والمحددات التاريخية والبحث في الوثائق والتقارير الصادرة عن التنظيم الإفريقي. وتعتمد هذه الأطروحة أيضا على المنهج الوظيفي لتبيان عمل الدولة المغربية من حيث وظائفها في تنظيم ما تحتويه من موارد وتخطيط لاستغلالها وفق مسار معين.

أما فيما يخص التقسيم المعتمد فهو كالتالي:

القسم الأول: أخذ عنونة الآتية: مرتكزات البناء الاستراتيجي المغربي مداخل لتعزيز موقعه السياسي والاقتصادي داخل الاتحاد الإفريقي في ظل المتغيرات الجيوسياسية والتهديدات المشتركة

فلقد سلط الضوء بهذا القسم على النزعة البراغماتية للسياسة الخارجية المغربية بالفضاء الإفريقي والظروف الجيوسياسية المساعدة لتطبيقها، بحيث ساهمت المرتكزات السياسية والأمنية، الاقتصادية، الثقافية والدينية في بلورة الاستراتيجية المغربية بالقارة، فضلا عن مساهمة التحولات الدولية والإقليمية في بلورتها وتنفيذها لكون أن النظام الدولي لحقت به تغييرات إلى جانب الظروف الجيوسياسية التي عرفتها منطقة شمال إفريقيا عقب بما يسمى إعلاميا الربيع العربي.

ونتيجة لهذه المعطيات نجح المغرب في العودة لمنظمة الاتحاد الإفريقي واضعا أمامه إلى جانب الهدف السياسي، أهداف ترتبط بالتعاون الجماعي والمشترك بغية رفع مجموعة من التحديات وتحييد التهديدات التي تواجه إفريقيا، على اعتبار المغرب يتوفر على تجارب كبيرة في مجموعة من الميادين كنموذج تدبير الهجرة ومحاربة كافة أشكال التطرف والارهاب. فهذه من بين المداخل التي تسعى المملكة لتقوية حضورها السياسي والاقتصادي والتنموي بتقاسم تجاربها في إطار منظمة الاتحاد الإفريقي.

وبخصوص القسم الثاني: فقد تمت عنونته بما يلي:

تحديات عودة المغرب إلى الاتحاد الإفريقي ومدى تأثيرها على وضعيته داخل المنظمة

تطرح عودة المغرب لمنظمة الاتحاد الإفريقي عدة تحديات قانونية وحقوقية نظرا للتطور الحاصل بالمنظومة القانونية الخاصة بها، وأيضا التطور الذي عرفه المغرب مع الوثيقة الدستورية لسنة 2011 المتقدمة على سابقيها. وفي ظل تواجد النزاع القائم حول الصحراء المغربية طرحت مجموعة من الإشكاليات، على اعتبار هناك تربص واضح من مجموعة من الدول المساندة لتقرير المصير بالصحراء بوضع استراتيجيات مضادة تروم تقويض الزخم الدبلوماسي والقنصلي المغربي عبر التوظيف السياسي للهياكل القضائية والشبه القضائية الإفريقية بالخصوص والدولية بصفة عامة.

وفي هذا الاتجاه، يبحث هذا القسم في المخاطر المحتملة في إطار المحكمة الإفريقية واللجنة الإفريقية لحقوق الإنسان والشعوب ومجلس السلم والأمن الإفريقي، وتبيان مدى أحقية ومعقولية الحجج المستعملة في هذا الصدد لتحجج بها ضمن هذه الهياكل والأجهزة التابعة للاتحاد الإفريقي ضد المملكة، في ظل واقع إفريقي حقوقي وديمقراطي معروف دوليا ووطنيا ترصده مختلف التقارير الرسمية الدولية وغير الرسمية بانتظام.

عموما وعبر ما تقدم، وصلت هذه الأطروحة للاستنتاجات التالية: رابطة بين عنوان الأطروحة والإشكالية الرئيسية وفرضيات المنطلق:

يتضح أنه بالفعل الاستراتيجية المغربية بإفريقيا تشبعت بالنزعة البراغماتية انتقلت من دبلوماسية دفاعية إلى دبلوماسية مبادرة وهجومية تروم الاستباقية؛

اتضح أيضا أن عودة المغرب للاتحاد الإفريقي تحمل معها عدة تحديات قانونية وحقوقية ترتبط بالهياكل القضائية والشبه القضائية يمكن استغلالها من الأطراف الأخرى المساندة لتقرير المصير بالصحراء المغربية، بحيث لوحظ أن الجزائر حولت التوظيف السياسي لمجلس السلم والأمن الإفريقي قصد تمرير توصيات تطعن في السيادة المغربية على الصحراء، والحث على خلق مسار موازي إفريقي إلى جانب المسار الأممي؛

على الرغم من هذه المحاولات من طرف الجزائر أو غيرها، فلقد مثل الحضور المغربي المؤسساتي من وضع قواعد جديدة وخلق توازن، مما ساعد على إجهاض والحد مثل هذه الممارسات، إذ أن ثقل حضور المغربي وضغطه على الاتحاد الإفريقي تمكن من فرض المسار الأممي كسبيل الأوحد لحل النزاع مع اعتماد آلية ثلاثية أو بما يسمى الترويكة كهيئة مواكبة فقط تمثل الاتحاد الإفريقي؛

وفيما يخص الأوضاع الحقوقية والديمقراطية والتنموية بإفريقيا، يتضح أن معظم الدول الإفريقية غير مخولة أساسا للخوض فيها والتحجج والاستدلال بها، لكون توضح الأرقام والتقارير الرسمية الدولية وغير الرسمية الواقع المرير والمزري الذي تعيشه معظم الشعوب الإفريقية، فقلة من الدول الإفريقية ومن بينها المغرب خطت خطوات مهمة في الإصلاح السياسي والديمقراطي بهدف التصالح مع الماضي وعدم تكرار الممارسات السابقة وتحقيق التنمية الشاملة، يكون ضامنها القانون والدستور مع بدل مجهودات أكثر لتكريسها وتفعيلها وتضمينها على المستوى السياسات العامة والعمومية والقطاعية؛

وكنظرة استشرافية لوضعية المغرب بالاتحاد الإفريقي، يمكن القول أن المملكة خلقت نوعا من التوازن المؤسساتي وبدأت تظهر بوادر تشكيل نوع من التقاطب الدبلوماسي بين المغرب والجزائر وسيبرز هذا أكثر أثناء الإصلاح المؤسساتي القادم، من خلال الدفع المغربي للوصول للنصاب القانون الوارد في المادة 33 من القانون التأسيسي لمنظمة الاتحاد الإفريقي بغية طرد البوليساريو من الاتحاد؛

عموما وعبر ما تم ذكره، يلاحظ أن الخلاصات والاستنتاجات تتقارب وتتماشي مع منطلق الفرضية الأولى، بحيث استطاع المغرب منع استصدار توصيات وقرارات تطعن في سيادته سواء على مستوى مجلس السلم والأمن الإفريقي واجتماعات وقمم الاتحاد الإفريقي، ونخص بالذكر البصمة المغربية المؤثرة على قرار 693 القاضي بالاختصاص الحصري لمنظمة الأمم المتحدة بالنظر في النزاع المفتعل.

وعقب تقديم الطالب المترشح باقتضاب لموضوع أطروحته، جاء ملاحظات السادة الأساتذة التي تروم توجيه الطالب للأخذ بها بغية تجود النسخة الأخيرة قبل وضعها بالمكتبة، وهو ما تفاعله مع بإيجاب الطالب واعدا بالأخذ بها في النسخة النهائية. وبعد ذلك رفعت الجلسة للمداولة.

وبعد رجوع اللجنة، قررت قبول الأطروحة للطالب ياسر الصافي ومنحه درجة دكتور في القانون العام والعلوم السياسية بميزة مشرف جدا.