ورشة تأسيسية حول موضوع الذاكرة والسرديات الأمنية : مشروع رؤية مغربية متجددة لفهم الأمن وإنتاجه

المركز المغربي للديموقراطية والأمن
ينظم بدعم من
المركز المغربي للعدالة الإنتقالية وإدراسة التقارير الدولية
ورشة تأسيسية حول موضوع

الذاكرة والسرديات الأمنية :
مشروع رؤية مغربية متجددة لفهم الأمن وإنتاجه

يوم الجمعة 16 ماي 2025 /الساعة 15 و 30 دقيقة .
بدار المحامي بالمحمدية

كلمة الدكتور المصطفى بوجعبوط مدير المركز المغربي للعدالة الأنتقالية ودراسة التقارير الدولية

مساهمة من المركز المغربي للعدالة الإنتقالية وإعداد التقارير الدولية ؛ أود تحليل مشروع الأرضية من زاوية توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة (هيئة الإنصاف والمصالحة – IER) آملا أن يفتح الحوار النقدي أفقًا لتأويل الورشة التأسيسية باعتبارها امتدادًا تطوريًا لمسار العدالة الانتقالية، لكن بنَفَسٍ استباقي ، يراهن على نقل سؤال عدم التكرار من مجال الوقائع إلى مجال السرديات والتمثلات الأمنية وذلك وفق المقاربة التالية :
أولًا: من توصيات IER إلى “حوكمة السرديات الأمنية”
توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة، خاصة تلك المتعلقة بـ:

  • إصلاح قطاع الأمن،
  •  ضمانات عدم التكرار،
  •  استرجاع الثقة المؤسساتية،
  •  وإدماج الذاكرة في السياسات العمومية…

…تُعتبر أرضية تأسيسية لتحول عقائدي وسردي في مقاربة الأمن. لكن ما لم تُنجزه الدولة بوضوح على مستوى التمثلات والمعنى السياسي للأمن، تُحاول هذه الورشة مساءلته واقتراح بديل له.

و يبدو ونأمل أن الورشة ستقترح الانتقال من مجرد “إصلاح الأداء الأمني” إلى “تفكيك السردية المنتجة للعنف الرمزي”، وهو ما يُعد تطورًا للعدالة الانتقالية من شكلها التحققي إلى شكلها الإستباقي

ثانيًا: نحو عدالة انتقالية توقعية على مستوى الأمن

العدالة الانتقالية التوقعية كما تطرحها الورشة، تتمظهر في ثلاث مستويات متقاطعة:

1. على مستوى العقيدة الأمنية:
الورشة تُعيد تعريف الأمن كـ علاقة شرعية بدل أن يكون مجرد جهاز ضبط.
هنا يُستدعى مضمون توصيات IER الخاصة بضرورة “مأسسة الأمن في خدمة المواطن”، ولكن الورشة تتجاوزها نحو مساءلة المنطق المعرفي الذي يُنتج “العدو الداخلي”.

2. على مستوى التمثلات والرموز:
الورشة تقترح تحليلًا سيميولوجيًا للزي الأمني، لحضور الشرطة في الفضاء العام، لخطاب الطمأنة مقابل خطاب التهديد.
هذا توجه جديد يستكمل مهمة الاعتراف الرمزي بضحايا انتهاكات الماضي، عبر مساءلة ذاكرة الفئات الهشة لا كمجرد ضحايا بل كمنتجين للمعنى.

3. على مستوى حوكمة السرديات:
ما دامت توصيات IER شددت على أهمية إشراك المجتمع في إصلاح القطاع الأمني، فإن الورشة تقترح ذلك من زاوية التفاوض السردي، وليس فقط عبر المساءلة المؤسساتية.

ثالثًا: الورشة كتعبير عن “الانتقال السردي” للأمن
تُعيد الورشة قراءة العلاقة بين الأمن والذاكرة، لتؤسس لما يمكن تسميته بـ الانتقال السردي للأمن، أي:

  •  نقل مركز الثقل من “منظور الدولة” إلى “تجارب المواطنين”.
  •  تفكيك الأمن كـ منتج للسيطرة وإعادة تخيّله كـ معنى تفاوضي نابع من المعاناة والذاكرة والتطلعات.
  •  ربط الأمن بالثقة بدل الردع، وهو ما يمكن اعتباره تحقيقًا لما سعت إليه توصيات IER تحت شعار “الأمن في خدمة المواطن”، ولكن بلغة جديدة.

رابعًا: ملاحظات نقدية تكاملية
الورشة تذهب بعيدًا في تأويل الأمن كسردية، مما قد يُصعّب ربط نتائجها بالسياسات العمومية إلا إذا جرى توسيع الفهم المؤسساتي للسرديات كأدوات للحكامة.
الحاجة قائمة إلى تحويل هذا الأفق النظري إلى مؤشرات ثقافية واجتماعية تُعتمد في تقييم الأثر الأمني على الفئات الهشة.
وهذا يستدعي تكاملًا مع فاعلين مؤسساتيين وحقوقيين يشتغلون على أرشفة الذاكرة وبناء مناهج للتربية الأمنية المدنية.

خلاصة: نحو مشروع متكامل لعدالة السرديات الأمنية

الورشة، كما تقترحها الأرضية، ليست فقط امتدادًا لتوصيات هيئة الإنصاف والمصالحة، بل تأويلاً نقديًا متقدمًا لها، يدفع العدالة الانتقالية نحو أفق توقعـي، حيث:

  • السردية الأمنية تُساءل لا تُسلّم.
  • الذاكرة تُوظّف كرافعة للحوكمة لا كمجرد تراث.
  •  والأمن يُعاد بناؤه كمجال مشترك للثقة لا كأداة للضبط.
    غير أن التحليل يقتضي منا إدماج إشكالية “فك عقدة احتكار تدبير الشأن العمومي في مجال الأمن ضمن سردية المجال المحفوظ للدولة” لأنه يشكل ركيزة أساسية لتطوير الورشة نحو أفق العدالة الانتقالية التوقعية، ناهيك عن كونه يطرح السؤال التالي:
  • هل يمكن إعادة تخييل الأمن كمجال عمومي مشترك، بدل بقائه مجالًا محفوظًا للسلطة؟
  • خامسًا: من “المجال المحفوظ” إلى “الفضاء العمومي للأمن”

تُعد سردية “المجال المحفوظ للدولة” إحدى أبرز العُقَد البنيوية التي تُقيد إمكانية التغيير الحقيقي في قطاع الأمن، حيث تُحتكر السلطة في:

  • تعريف التهديدات،
  • تحديد الأولويات الأمنية،
  • صياغة السياسات دون مساءلة مجتمعية.

هذا الاحتكار يجد جذوره في تاريخ الدول التسلطية، ويُعاد إنتاجه عبر سرديات قانونية وتقنية تُقدّم الأمن كاختصاص سيادي لا يقبل التشكيك، مما يُقصي المجتمع من مساءلة منطق العنف المشروع ومن التفاوض حول شروط الأمان الجماعي.

> في هذا السياق، تصبح العدالة الانتقالية التوقعية مطالبة بفك هذا الاحتكار الرمزي والمعياري، عبر تفكيك سردية المجال المحفوظ ذاتها.

نحو تفكيك المجال المحفوظ كسردية لا كمجرد هندسة دستورية

إن سردية “المجال المحفوظ” ليست مجرد ترتيب مؤسساتي، بل تمثّل سردي يصوّر المواطن كمفعول به في منظومة الأمن، وليس كشريك فيها.
وإن إعادة تأويل الأمن كحق جماعي يمرّ حتماً عبر تحويل المجال المحفوظ إلى فضاء عمومي للنقاش والمساءلة والاقتراح.
غير أن هذا لا يعني إلغاء اختصاصات الدولة، بل إعادة تأطيرها ضمن منطق الشفافية التشاركية.

نقل “الاحتكار” من الشرعية القانونية إلى الشرعية السردية
إن جزءً من مشروع العدالة الانتقالية التوقعية يجب أن يستهدف خلخلة الاحتكار السردي للدولة في تعريف الأمن والخطر.
أي الانتقال من:

  •  الدولة كصاحبة السردية الوحيدة حول الأمن،
  • إلى مجتمع يشارك في إنتاج المعنى الأمني انطلاقًا من معاناته وذاكرته ومخاوفه.

ولهذا نقترح إدراج هذه الإشكالية ضمن أرضية الورشة بصيغة مقترحة وفق الصيغة التالية :

> “كما تسعى الورشة إلى مساءلة استمرار تموقع الأمن ضمن ما يُسمى ‘المجال المحفوظ للدولة’، وهي سردية تُقصي المجتمع من التفاوض حول شروط الأمان الجماعي، وتُحوّل الأمن إلى سلطة فوق مجتمعية. إن تجاوز هذا التموقع لا يعني المساس بالوظائف السيادية، بل يقتضي فتح المجال أمام مساءلة تشاركية، وإعادة تعريف الأمن كفضاء عمومي مشترك، لا كاختصاص مغلق.وفي هذا السياق نقترح من جديد.بل نصر على ضرورة تنصيب المجلس الأعلى للأمن ، ودفع الحكومة إلى تحمل مسؤوليتها في تدبير الشأن الأمني ودمجه ضمن سياستها العمومية وميزانيتها التوقعية التوقعية والتي يفترض أن تخضع والممارسة الأمنية وإنفاذ القانون للرقابتين القضائية والتشريعية ( القبيلة والبعدية )

للاطلاع على أرضية الورشة التأسيسية (نقر هنا)