مقال: الملاحظات الختامية للجنة المعنية بحالات الاختفاء القسري تعيد مسار ملف الاختفاء القسري بالمغرب إلى الواجهة
الملاحظات الختامية للجنة المعنية بحالات الاختفاء القسري تعيد مسار ملف الاختفاء القسري بالمغرب إلى الواجهة
الدكتور بوجعبوط المصطفى
متخصص في شؤون العدالة الانتقالية
تأتي الملاحظات الختامية للجنة المعنية بالاختفاء القسري تتويجا لعملها بعد الاطلاع على التقارير الموازية للمجتمع المدني والاطلاع على تقارير أصحاب المصلحة وقائمة المسائل وغيرها من التفاعلات والحوارات بين الدولة واللجنة متضمنة بيانات ومعطيات حول الاختفاء القسري عند الدولة طرف وتبقى هذه الملاحظات محطة نقاش وردود داخل المجتمع حول مسار استكمال ومعالجة ملف الاختفاء القسري بالمغرب، ويمكن الوقوف على هذا من خلال الملاحظات التالية:
الملاحظة الأولى: تتجلى من حيث الشكل، حيث أن تقرير اللجنة المعنية بحالات الاختفاء القسري يضم 06 محاور أساسية أي 69 فقرة بينما ردود المملكة المغربية تضم ملاحظات عامة وخاصة ب 20 فقرة، وبالتالي فالمغرب لم يقدم جل ملاحظاته على التقرير سواء في ظل الملاحظات الختامية أو قائمة المسائل المتصلة بالتقرير إلى المغرب بموجب المادة (29) 1 من الاتفاقية خلال الدورة 23 /12-23 سبتمبر 2022. (ستة (06) محاور أساسية تتضمن 35 فقرة).
الملاحظة الثانية: نظرت اللجنة المعنية بحالات الاختفاء القسري في التقرير المقدم من المغرب بموجب المادة 29 (الفقرة 1) من الاتفاقية في جلستيها 495 و496، المعقودتين في 24 و25 سبتمبر 2024. وفي جلستيها 509 و510، المعقودتين في 3 و4 أكتوبر 2024، اعتمدت هذه الملاحظات الختامية.
- معلومات عامة
- تعريف الاختفاء القسري وتجريمه (المواد من 1 إلى 7)
- المسؤولية الجنائية والتعاون القضائي في مسألة الاختفاء القسري (المواد من 8 إلى 15)
- تدابير منع الاختفاء القسري (المواد 16 إلى 23)
- تدابير حماية حقوق ضحايا الاختفاء القسري وضمان هذه الحقوق (المادة 24)
- تدابير حماية الأطفال من الاختفاء القسري (المادة 25)
الملاحظة الثالثة: بموجب الفقرة 1 من المادة 29 من الاتفاقية المعنية بحالات الاختفاء القسري قدمت المملكة المغربية تقريرها الأولي، بشأن الاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري في يوليوز 2021 بشكل متأخر والذي كان يجب تقديمه سنة 2015. وبالرغم من ذلك فالتقرير تضمن معطيات مهمة في المجالات المرتبطة بالاختفاء القسري وما ترتب على التجربة المغربية في مجال العدالة الانتقالية من خلال هيأة التحكيم المستقلة وهيأة الإنصاف والمصالحة والإصلاحات القانونية والمؤسساتية التي تضمنتها الوثيقة الدستورية لسنة 2011 والانخراطات في المنظومة القانونية الدولية…
الملاحظة الرابعة: سجلت اللجنة المعنية بحالات الاختفاء القسري عدة جوانب إيجابية للدولة طرف (المملكة المغربية) منها المصادقة على عدة صكوك والبروتوكولات الدولية كالبروتوكول الاختياري لاتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة والبروتوكول الاختياري الأول الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية والبروتوكول الاختياري لاتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة، فقد رحبت اللجنة بانفتاح المغرب على زيارات المكلفين بولايات في إطار الإجراءات الخاصة لمجلس حقوق الإنسان والتعاون مع الفريق العامل المعني بحالات الاختفاء القسري أو غير الطوعي. وأشادت اللجنة بالتقدم الذي أحرزه المغرب في المجالات ذات الصلة بالاتفاقية.
الملاحظة الخامسة: تأسف (الفقرة 16) اللجنة لعدم توفُّر معلومات إحصائية مصنفة عن الأشخاص المختفين في الدولة الطرف. وتشعر اللجنة بالقلق لأن إمكانية الاطّلاع على محفوظات أنشطة البحث والبيانات المتعلقة بحالات الاختفاء القسري، لا سيما عن طريق هيئة الإنصاف والمصالحة، لا تزال محدودة، ولأن المعلومات المقدمة لم تمكّن من فهم طريقة إدارة هذه المحفوظات ولا من معرفة السلطة التي تضطلع بهذه المهمة (المواد من 1 إلى 3 و12 و24).
الملاحظة السادسة: تدعو اللجنة في الفقرة (17) الدولة الطرف إلى إنشاء سجل وطني واحد للأشخاص المفقودين من أجل تقديم معلومات إحصائية دقيقة وحديثة دون تأخير عن هؤلاء الأشخاص، مصنفة حسب الجنس والميل الجنسي والهوية الجنسانية والعمر والجنسية. والأصل العرقي أو الديني أو الجغرافي. وينبغي أن تتضمن هذه المعلومات تاريخ الاختفاء، وعدد الأشخاص المفقودين الذين تم العثور عليهم، سواء كانوا أحياء أو أمواتاً، وعدد الحالات التي قد يكون فيها شكل من أشكال تورط الدولة في الاختفاء بالمعنى المقصود في المادة 2 من الاتفاقية.
الملاحظة السابعة: أما في مجال العدالة الانتقالية أحاطت اللجنة في الفقرة (22) على أهمية تجربة (ه.إ.م) من خلال المعلومات المقدمة خلال الحوار ……. ومع ذلك، تتأسف اللجنة لأنه بعد مرور ثمانية عشر عاماً (18) على نشر تقرير اللجنة، لم يتم حتى الآن تنفيذ توصياتها بالكامل (المادة 24). وتوصي اللجنة الدولة الطرف في الفقرة (23) بضمان تنفيذ جميع توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة، دون تأخير، ونشر تقارير دورية عن التقدم المحرز في عمل لجنة المتابعة.
الملاحظة الثامنة: وتوصي اللجنة الدولة الطرف في الفقرة (25) بمضاعفة جهودها لضمان القيام، دون تأخير، في إجراء تحقيق شامل ونزيه في جميع حالات الاختفاء القسري المرتكبة في الفترة ما بين عامي 1956 و1999، ومواصلة البحث عن جميع الأشخاص المفقودين الذين لا يزال مصيرهم مجهولاً وتحديد مكانهم، وفي حالة الوفاة، يتم التعرف على رفاتهم أو رفاتهم واحترامها وإعادتها إلى أهلهم مع احترام كرامتهم، وبطريقة تسمح القيام بجنازة كريمة ومتوافقة مع رغبات أسرهم والمجتمع الذي ينتمون إليه وتقاليدهم الثقافية، وأن يتمكن الأشخاص الذين عانوا من ضرر مباشر نتيجة للاختفاء القسري والذين لم يستفيدوا بعد من برامج التعويضات من الوصول إليها دون تأخير والحصول على تعويض سريع وكامل ومناسب يستند إلى نهج متمايز يأخذ في الاعتبار البعد الجنساني. والاحتياجات المحددة لكل ضحية.
الملاحظة التاسعة: وتوصي اللجنة الدولة الطرف في الفقرة (33) على جمع وتنظيم ونشر معلومات إحصائية موثوقة وحديثة عن عدد الشكاوى المقدمة بشأن الاختفاء القسري وضمان البحث عن جميع الأشخاص المفقودين، وإجراء تحقيق سريع وشامل وفعال ونزيه في جميع حالات الاختفاء القسري المبلغ عنها، حتى في حالة عدم وجود شكوى رسمية، وضمان مشاركة أي شخص له مصلحة مشروعة، مثل الوالدين والأقارب والممثلين القانونيين للأشخاص المفقودين، في عمليات البحث والتحقيق في جميع مراحل الإجراء، في إطار إجراء عادل، والتأكد منها ويتم إبلاغ الأشخاص بانتظام بتقدم التحقيقات ونتائجها.
النقطة العاشرة: أما في شأن المقابر الجماعية، فإن اللجنة تشعر بالقلق في الفقرة (34) إزاء الادعاءات المتعلقة بوجود العديد من المقابر الجماعية على الأراضي الوطنية وإزاء عدم وجود معلومات محددة عن الجهود المبذولة لضمان حماية المفقودين وتحديد هويتهم وتحليل الطب الشرعي والمعاملة المحترمة وإعادة رفات الأشخاص المفقودين. (المادتان 12 و24).
وتحث اللجنة الدولة الطرف في الفقرة (35) على أن تأخذ في الاعتبار، عند وضع وتنفيذ استراتيجية البحث، المبادئ التوجيهية للبحث عن الأشخاص المفقودين، وتوصيها بضمان حماية كل مقبرة جماعية يتم الإبلاغ عنها ومعالجتها باستخدام أساليب الطب الشرعي المناسبة. وتوصيها أيضاً بضمان أن يتم تحديد هوية الأشخاص المفقودين بفعالية من قبل مؤسسة تمتلك الموارد البشرية والمادية المتخصصة اللازمة.
غير أنها تشعر بالقلق لأن القانون الوطني لا ينص على نظام للتعويض الشامل والكافي يتسق تماماً مع المادة 24 (الفقرتان 4 و5) من الاتفاقية، ولا يعترف رسمياً بحق أي ضحية في الحصول على تعويضات. … وتلاحظ اللجنة كذلك أنه على الرغم من أن عمل هيئة الإنصاف والمصالحة مكّن البلاد من وضع حد لممارسة الاختفاء القسري المتكررة في الماضي، إلا أنه لم يسمح بعد بتوضيح مصير جميع الضحايا وأماكن وجودهم. ولا تحديد هوية مرتكبي هذه الجرائم ومحاكمتهم. ويمكن أن يؤدي هذا الوضع إلى إفلات مرتكبي الجرائم من العقاب، كما يمكن أن يضع حداً لمطالبة الضحايا بالعدالة بسبب وفاة الجناة والضحايا المذكورين، بسبب تقدمهم في السن (المادتان 12 و24).
وتوصي اللجنة الدولة الطرف في الفقرة (53) باعتماد تعريف للضحية يتوافق مع التعريف الوارد في المادة 24(1) من الاتفاقية، وضمان حصول أي شخص تعرض لضرر مباشر نتيجة للاختفاء القسري على حقوقه. التي تكفلها الاتفاقية، ولا سيما الحق في معرفة الحقيقة والجبر الكامل، بما في ذلك ليس التعويض فحسب، بل أيضًا إعادة التأهيل والترضية وضمانات عدم التكرار. ومن هذا المنطلق، توصي اللجنة الدولة الطرف بأن تعترف صراحةً في قانونها المحلي بحق ضحايا الاختفاء القسري في معرفة الحقيقة، وبإنشاء نظام تعويض شامل يتسق تماماً مع المادة 24 (الفقرتان 4 و5) من العهد. الاتفاقية وغيرها من المعايير الدولية ذات الصلة. وتوصيها أيضاً بضمان تطبيق هذا النظام حتى في حالة عدم اتخاذ أي إجراءات قانونية، وبأن يستند إلى نهج متمايز يأخذ في الاعتبار الاحتياجات المحددة لكل ضحية، ولا سيما حسب جنسه وتوجهه الجنسي. الهوية الجنسية، والعمر، والأصل العرقي، والإثني أو الجغرافي، والحالة الاجتماعية والإعاقة.
أما في شأن الوضع القانوني للمفقودين الذين لم يتضح مصيرهم وأقاربهم، ترى اللجنة في الفقرة (54) أن نظام الدولة الطرف الذي ينظم الوضع القانوني للأشخاص المفقودين الذين لم يتم توضيح مصيرهم وأقاربهم لا يأخذ في الاعتبار مدى تعقيد الاختفاء القسري. وعلى وجه الخصوص، تلاحظ اللجنة أن حصول أقارب الشخص المفقود على الخدمات الاجتماعية وحقوق الأسرة والملكية لا يمكن تحقيقه إلا بعد تقديم إعلان الوفاة، الذي يتوقف إصداره على تقييم المحكمة المختصة لاحتمال حدوث ذلك. بوفاة المجني عليه وفق “ظروف اختفائه”. وفي هذا الصدد، تشير اللجنة إلى أنه، نظراً لطبيعة الاختفاء القسري المستمرة، من حيث المبدأ، وما لم يكن هناك دليل ملموس على عكس ذلك، لا يوجد سبب لافتراض أن الشخص المفقود قد مات، ما لم يتم تحديد مصيره. لم يتم توضيحها (المادة 24).
وتوصي اللجنة الدولة الطرف في الفقرة (55) باتخاذ تدابير تشريعية لضمان تنظيم الوضع القانوني للأشخاص المفقودين الذين لم يتم توضيح مصيرهم ولأقاربهم وفقاً للمادة 24 (الفقرة 6) من الاتفاقية، وضمان ما يلي: ولا يشترط الإعلان عن افتراض وفاة الشخص المفقود. وبهذا المعنى، تطلب اللجنة من الدولة الطرف أن تنص في القانون على إصدار إعلانات الغياب بسبب الاختفاء، بغض النظر عن مدتها.
أما في شأن البحث عن الأشخاص المفقودين وقواعد البيانات الجينية ترحب اللجنة في الفقرة (58) بالمعلومات التي قدمتها الدولة الطرف بشأن استخدام التحليل الجيني لتحديد هوية الضحايا وبشأن قواعد البيانات الرقمية الموحدة المقترحة للأشخاص المفقودين والمحتجزين. ومع ذلك، فإن اللجنة تتأسف لأساليب استخدام التحليل الجيني لتحديد هوية ضحايا الاختفاء حيث لا تخضع عمليا لنهج متعارف وعالمي، وأن هذا الاستخدام يظل مقتصرا على عدد قليل جدا من الحالات. وتتأسف اللجنة أيضا لعدم تقديم الدولة الطرف معلومات مفصلة عن التدابير والاستراتيجيات المعمول بها حاليا للبحث عن الأشخاص المفقودين وتحديد هوياتهم (المادتان 19 و24).
وتدعو اللجنة الدولة الطرف في الفقرة (59) إلى وضع وتنفيذ استراتيجيات بحث شاملة تتماشى مع المبادئ التوجيهية للبحث عن الأشخاص المفقودين، وتوصيها بزيادة جهودها من أجل البحث عن الأشخاص المفقودين والعثور عليهم وإطلاق سراحهم في أسرع وقت ممكن، وفي حالة وفاتهم، تحديد هوية رفاتهم وإعادتها في ظروف كريمة، مع الامتثال الصارم لعاداتهم ومواصلة السلطات العامة البحث عن الأشخاص المفقودين، وتحديد هوية أصحابهم واستعادتهم، والتأكد من أن أقارب الأشخاص المفقودين يمكنهم المشاركة في ذلك إذا لزم الأمر والتعجيل بإنشاء قاعدة بيانات وراثية للضحايا، مع ضمان إمكانية التشغيل المتبادل مع بنوك السمات الجينية في البلدان الأخرى؛
أما في شأن تدابير الحفاظ على الذاكرة تحيط اللجنة علما بالمعلومات التي قدمتها الدولة الطرف، في الفقرة (62) بما في ذلك المعلومات المقدمة كتابيا بعد الحوار، بشأن التدابير المتخذة للحفاظ على أماكن الاحتجاز والدفن السابقة. وترى اللجنة أن الحفاظ على أماكن الذاكرة هذه أمر ضروري لضمان الذاكرة والحق في معرفة الحقيقة وعدم تكرار انتهاكات حقوق الإنسان المرتكبة في الماضي. ومع ذلك، لا تزال تشعر بالقلق إزاء الادعاءات التي تفيد بأن بعض الأماكن التي قد يكون فيها ضحايا الاختفاء القسري قد احتجزوا أو دُفنوا غير محروسة، وأن التوصيات والمشاريع الرامية إلى الحفاظ على هذه المواقع وإحياء ذاكرتها، قد تم التخلي عنها أو لم يتم تنفيذها بالكامل.
توصي اللجنة الدولة الطرف في الفقرة (62) بإنشاء برنامج دائم للحفاظ على الذاكرة، بالتشاور والتنسيق مع الضحايا، من أجل حماية المواقع المستخدمة لحالات الاختفاء القسري، وتحويل المواقع المناسبة إلى أماكن تعليمية وذاكرة متاحة لعامة الناس.