تقرير الندوة العلمية حول: الملاحظات الختامية للجنة المعنية بحالات الاختفاء القسري الموجهة للمملكة المغربية وردودها.
تقرير حول الندوة العلمية حول موضوع:
الملاحظات الختامية للجنة المعنية بحالات الاختفاء القسري الموجهة للمملكة المغربية وردودها.
نظم المركز المغربي للعدالة الانتقالية ودراسة التقارير الدولية بشراكة مع المجلة المغربية للعدالة الانتقالية وحقوق الإنسان، ندوة علمية حول موضوع: الملاحظات الختامية للجنة المعنية بحالات الاختفاء القسري الموجهة للمملكة المغربية وردودها. دورة 27/ 2024 CED/C/MAR/CO/1
يوم الخميس 13 مارس 2025 على الساعة 21.30 ليلا عبر تطبيق الزوم
بمشاركة:
تسيير وإدارة الجلسة: د. حاميد زيار عضو مؤسس للمركز المغربي للعدالة الانتقالية ودراسة التقارير الدولية؛
د.مساعد عبد القادر،أستاذ التعليم العالي بكلية الحقوق – طنجة ومنسق ماستر حقوق الانسان، ورئيس المركز العلمي الدولي للحوار والمناقشة حول الأبعاد الجديدة لحقوق الإنسان؛
د. ندير الاسماعيلي، أستاذ باحث بكلية الحقوق – مكناس؛
د.محمد الزهراوي، أستاذ العلوم السياسية كلية الحقوق، جامعة شعيب الدكالي الجديدة؛
ذ.امبارك أفكوح،المنظمة الدولية لحقوق الإنسان؛
د. بوجعبوط المصطفى، مدير المركز المغربي للعدالة الانتقالية ودراسة التقارير الدولية؛
افتتحت الجلسة من لدن الأستاذ حاميد زيار، باعتباره مسير الجلسة العلمية وعضو مؤسس للمركز المغربي للعدالة الانتقالية ودراسة التقارير الدولية، حيث اعتبر بعد تقديم الشكر للسادة الأساتذة المحاضرين أن هذه الندوة تتمحور حول الملاحظات الختامية المعنية بحالة الاختفاء القسري الموجهة للمملكة المغربية وردودها. في غالب الأحيان تشكل الملاحظات والتوصيات الموجهة للدولة في اتفاقيات الدولية عدة ردود لمضمون تلك الملاحظات. ومن هنا يأتي التساؤل حول من يمتلك الحقيقة الفعلية بين الملاحظات المقدمة والردود التي تقوم بها الدولة المعنية. والتي هي غالبا ما لا يكون هناك اتفاق حول مضمونها سواء لعدم الفهم الجيد أو لتجاهلها. وعلى ضوء هذا قدمت اللجنة المعنية بحالة الاختفاء القسري عدة ملاحظات وتوصيات ختامية على التقرير المقدم من طرف المغرب عملا بالمادة 29 فقرة من الاتفاقية التي تتكون من 69 فقرة. ونظرت اللجنة المعنية بحالة الاختفاء القسري في التقرير المقدم من المغرب يوم 24 و 25 شتنبر 2024
اعتمدت اللجنة هذه الملاحظات وتلتها ردود المغرب اللجنة الأممية قد سجلت عدة جوانب ايجابية للدولة المغربية منها المصادقة على مجموعة من الصكوك والبروتوكولات الدولية والاتفاقيات الدولية.
كما رحبت اللجنة بانفتاح المغرب على زيارات المكلفين في إطار الاجراءات الخاصة لمجلس حقوق الانسان والتعاون مع الفريق العامل بحالة الاختفاء القسري. لكن رغم ذلك فاللجنة وجهت مجموعة من الملاحظات في مواضيع مختلفة منها جريمة الاختفاء القسري المعلومات الإحصائية والسجل الوطني عدم التوفر على معلومات إحصائية تخص الاشخاص المختفين. مجال العدالة الانتقالية نتحدث عن توصيات الانصاف والمصالحة تقريرها 2006 المسؤولية الجنائية والتعاون القضائي في مسألة التحقيق في حالة الاختفاء القسري والبحث عن الاشخاص المختفين.
على ضوء هذه الملاحظات المقدمة من طرف اللجنة قدم المغرب ردوده وتفاعل مع الملاحظات الختامية للجنة المعنية الاختفاء القسري حيث قسم الى ملاحظات عامة وأخرى خاصة ضمت حوالي 19 فقرة هذه الملاحظات والتقرير الخاص بها قدمتها اللجنة كذلك وقدمت تقارير موازية للمجتمع المدني. هذه هي الخطوط العامة للتقرير وردود الدولة المغربية.
فيما يخص الندوة سوف تركز على مجموعة من المحاور أولها قراءة في الملاحظات الختامية الموجهة للمغرب. النقطة الثانية الاختفاء القسري على ضوء الملاحظات الختامية ثالثا التدابير القانونية والمؤسساتية لحماية الاشخاص من الاختفاء القسري تدابير حفظ الذاكرة على ضوء الملاحظات الختامية ردود المغرب حول هذه الملاحظات الختامية ثم نقط الاختلاف بين المغرب واللجنة المعنية بحالات الاختفاء القسري.
مداخلة الدكتور مساعد عبد القادر، أستاذ التعليم العالي بكلية الحقوق – طنجة، حيث أكد الأستاذ على أن الملاحظات التي تقدمها اللجنة معروفة، والردود التي تقدمها الدولة معروفة كذلك. ربما الإشكال الذي يطرح هو أن هذه الملاحظات الختامية للجنة المعنية بالاختفاء القسري، والردود التي تقدمها المملكة المغربية، تطرح تساؤلا حول كيفية قراءتها. هل ينبغي قراءتها من وجهة البيانات الوصفية، بمعنى قراءة التعليقات والردود التي تقدمها المملكة المغربية، أم ينبغي قراءتها من وجهة أخرى؟ ربما المعطيات واضحة كما جاء في التقديم، لأن قراءة الخلاصات أو التوصيات والملاحظات التي تقدمها اللجنة والردود المغربية ربما تحتاج إلى قراءات متعددة. يمكننا أن نقول إن هناك قراءة عامة، ثم هناك قراءة خاصة، وهناك القراءة العلمية. إذا، يمكننا أن نقول إن هذه القراءة العلمية تتلخص في محورين:
المحور الأول: هو الإطار المنهجي، وهذا أساسي في إعداد الملاحظات الختامية. بمعنى، ما هي المنهجية التي اعتمدتها اللجنة في إعداد الملاحظات؟ لا أقول المضمون، ولكن المنهجية، لأننا سوف نستنتج بعض الأمور الأساسية.
المحور الثاني: وهو طريقة أو أسلوب إنجاز أو إعداد الملاحظات أو الردود، لأننا نريد دائما أن نبحث عن المضمون كما جاء في التقديم، هناك 19 ردا وتوصيات وملاحظات متعددة، بمعنى أن هناك خلافا في قراءة بعض المعطيات المرتبطة بالاختفاء القسري بصفة عامة.
البعض يقول إن الملاحظات والردود الدولية بصفة عامة هي واضحة ولا تحتمل قراءات متعددة، بل قراءة واحدة، وهي مدى احترام الدولة لالتزاماتها. لكن بعض الملاحظات وبعض التوصيات وطريقة صياغتها وتوجيهها تحتاج إلى الوقوف عند بعض المعطيات أولا.
إن الإطار المنهجي الذي يتحكم في إنجاز التقارير بصفة عامة، وحتى الملاحظات والردود، هناك منهجيتين مختلفتين: المنهجية التي تعتمدها الدولة، والمنهجية التي تعتمدها اللجنة. هنا يكمن عنصر الخلاف أو عنصر التباعد فيما يتعلق بالملاحظات والاستجابة للتوصيات. لأن الإطار المنهجي الذي يتحكم في إنجاز التقرير، ومنها مثلا هذه الملاحظات المتعلقة بالملاحظات الختامية التي وجهت إلى المغرب، يعتمد في نظرنا على أن المغرب يعتمد على المنهج التدرجي. وهنا نقول إن هذا المنهج التدرجي يجعل المغرب يتفاعل إيجابا على مستوى آليات الاختفاء القسري.
هذا المنهج التدرجي في إعداد المغرب لردوده وتقديمه إلى الآلية يلتزم فيه بثلاثة معطيات أساسية، وهي التي نلاحظها في هذه الردود:
أولا: لا أحد ينكر أن المغرب قام بإنجازات، حتى الهيئة نفسها تعتبرها من الجوانب الإيجابية، كما جاء في الملاحظات، وهذه الإنجازات تتمثل في مصادقة المغرب على الاتفاقية، انخراطه في هذه الآلية، تعديل بعض القوانين، إنشاء هيئة العدالة الانتقالية.
ثانيا: هناك المعطى الثاني في المنهج التدرجي الذي يعتمده المغرب، وهو أن هناك أمورا لا يزال يعمل عليها، ولا يمكن تجاهلها من قبل الطرفين. يعني بعض الأمور ما زالت تحتاج إلى عمل دؤوب، وهذا من طرف المغرب ومن طرف الهيئة. لكن في بعض الأحيان مع تحفظ الهيئة على طريقة إنجازها، كما هو الشأن بالنسبة لمبدأ عدم الإفلات من العقاب. يتجلى التحفظ في غالب الأحيان إما على طريقة إنجازها أو ما يسمى بالبطء أو التباطؤ، وهذا المصطلح ورد بكثرة في الملاحظات، أو أنها غير كاملة.
ثالثا: المحور الثاني المرتبط بالخلاف في الأمور التي لا تزال عالقة ولا يزال يتم العمل عليها. ثم كذلك المنهج يعتمد على أسلوب في إعداد الردود وفي إعداد التقرير من قبل المملكة، بصفة عامة، هو أنه يقوم على أساس العمل المستقبلي أو الاستشرافي للدولة في إطار الاتفاقية وفي إطار التوصيات، أي ما يسمى بالرغبة. هناك رغبة أكيدة من المملكة المغربية ومن الدولة في التعاون وتنفيذ التوصيات، وما يتطلبه الأمر من زمن، أي وقت وإمكانات. هنا كذلك يشتد الخلاف بين الهيئة والمملكة المغربية، خصوصا على المنجزات التي قد تعتبرها الدولة كاملة وبالتالي طويت صفحتها.
هذا المنهج يمكننا أن نقول إن الدولة تعتمده ربما في جميع الأمور، في جميع الهيئات التعاهدية ، حتى في الوقت الحالي. ولكن سوف نرى أن هذه الردود التي تعتمدها الدولة هي في غالب الأحيان ذات طابع سياسي وإداري وقانوني، بخلاف ملاحظات اللجنة التي تتبع منهجا مختلفا. الدولة تستعمل بعض المصطلحات أو المفاهيم الدبلوماسية، ولكن في طياتها أو في مضمونها تدل على أن هناك عدم قبول من قبل الدولة لبعض الملاحظات. أما بالنسبة للجنة، فإنها تعتمد في إعداد الملاحظات الختامية على منهج مختلف عن الدولة، وهذا هو سبب الخلاف. تعتمد اللجنة على المنهج الثابت، والذي ينطلق عموما، كما تعلمون، من المبادئ التوجيهية التي تعتمدها اللجنة، والتي يمكن تلخيصها في ثماني نقاط.
الادعاءات في بعض الأحيان، التي تتوصل أو تدعيها اللجنة، ترى فيها المملكة المغربية أنها معلومات مغلوطة وغير موثوقة.
اللجنة تشتغل مع الدول وتتلقى التقارير من المجتمع المدني وتتلقى بعض الطلبات الاستعجالية عندها، ما يطرح الإشكال: من أين تأتي بها هذه الهيئة أو اللجنة؟ ولماذا المملكة المغربية تعتبرها مغلوطة وغير موثوقة؟ كذلك من المصطلحات التي تستعملها الدولة في الردود، كان من المفترض التحري بشأنها بدلا من ذلك.
وفق المنهج الثابت التي تستعمله اللجنة، نجد أن هناك تقنية دبلوماسية في إبداء التوصيات التي تحمل في طياتها أوامر وتحذيرات، كما هو قول اللجنة: “تشعر اللجنة بالقلق“.
المحور الثاني: المنهج الذي تتبعه الدولة مختلف عن المنهج الذي تتبعه الهيئة. هذا المنهج يعطي نتائج مختلفة، في بعض الأحيان تكون فيها تجاوب، وفي بعض الأحيان تكون هناك تصادم، وفي بعض الأحيان تكون هناك عدم رضا أو رفض أو عدم قبول، أو ترحيب.
وهو أسلوب إنجاز أو إعداد التقرير، حيث يلاحظ أن إعداد تقارير الملاحظات والردود من قبل الدولة والهيئات تعتمد في بعض الأحيان على المقاربة التشاركية. ولكن هذه المقاربة التشاركية محل خلاف. هناك مجتمع مدني معتمد من قبل الدولة، ومجتمع مدني تعتمده اللجنة، حيث ترى في إقصائه أنه في غالب الأحيان يكون أكثر مصداقية وموثوقية من المجتمع المدني الذي يعتمده المغرب.
حيث نلاحظ في هذا الصدد أن عمل اللجنة يميل إلى المجتمع المدني أكثر من الدولة. يعني المجتمع المدني المعتمد من قبل اللجنة أكثر من الدولة الطرف في الاتفاقية، وهذه هي الواردة في ملاحظة اللجنة.
ختاما، معرفة الإطار المنهجي وأسلوب الإنجاز عنصرين أساسيين في فهم تلك الملاحظات الختامية وتلك الردود التي تأتي من الدولة كذلك. وتجاوب الدولة وتعاملها ومصادقتها على الاتفاقية هو في حد ذاته مسألة إيجابية، لكن ينبغي على اللجنة أن تعيد النظر في بعض الملاحظات.
فتشكيلة اللجنة المعنية بالاختفاء القسري من خبراء يؤثر على التوصيات، لأن أغلبهم لديهم تكوين قانوني وخاصة في مجال القانون الدولي أو القانون الجنائي، وهذا يؤثر لأن الاختفاء القسري لا يتمتع بالشق الجنائي فقط بل له شق اجتماعي واقتصادي.
المغرب مطالب اليوم بتطوير آليات الردود المتمثلة في التقارير التي توجه إلى الهيئات التعاهدية، لأن العمل الإداري المهني يطغى في الردود التي يقدمها المغرب إلى اللجنة. وأن التجاوب في الغالب يكون دفاعيا.
تعامل اللجنة مع الدولة يكون في غالب الأحيان ذا بعد قانوني، حيث يطغى الجانب القانوني. ما يؤدي إلى وجود اختلاف في التصور وفي الإنجاز. الهيئة التي لها عقيدة تأتي من طبيعة تكوين الخبراء الذين تتكون منهم. الفريق المعني بالاختفاء القسري يستند على الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي تعتمده اللجنة. هذا الاختلاف فيما يتعلق بالتوصيات والاقتراحات وفي الملاحظات يؤكد على أن تشكيلة اللجنة لها التأثير على الملاحظات التي تعطى للدولة.
ينبغي على الدولة أن تعمل على إدراك أن التجاوب هو مسألة إيجابية، وعلى اللجنة أن تعتمد على معطيات بالإضافة إلى القانونية، ينبغي أن تكون ذات أبعاد أخرى. فالتدابير المتعلقة مثلا بالحماية طبقا للاختفاء القسري، وهو عنصر خلاف بينه وبين الهيئة. هذه من الأمور تحتاج إلى التجاوز بين المغرب وبين الهيئة.
وبالتالي، هناك عنصرين أساسيين: الأول أن هناك اختلاف في الإطار المنهجي الذي تعتمد في إعداد الملاحظات وفي الردود، ثم في أسلوب إنجاز أو إعداد الملاحظات وفي أسلوب الردود الذي يغلب عليه بالنسبة للمملكة المغربية في غالب الأحيان يكون ردودا إدارية أو سياسية، في حين الهيئة يكون عندها ملاحظات قانونية.
أما مداخلة الدكتور محمد الزهراوي، أستاذ العلوم السياسية كلية الحقوق، جامعة شعيب الدكالي الجديدة، فقد اتفق مع الأستاذ المساعد عبد القادر في مجموعة من النقاط التي ذكرها، والتي ترتبط أساسا بإشكاليات التعامل مع التقرير ومع الردود، وخاصة عندما نتحدث عن التقرير والملاحظات. فالملاحظات تكون بناء على تحريات تقوم بها اللجنة، وهذه التحريات تكون مصدرها الأساسي التعامل مع المجتمع المدني وسائل الإعلام، إلى غير ذلك. ربما الإشكالية الأساسية والجوهرية، تتعلق بكيف يمكن أن نقرأ هذه الملاحظات المضمنة في تقرير اللجنة وردود المملكة المغربية بشكل علمي وموضوعي، باعتبار أنه لا يمكن أن نقارب هذه الإشكالات أو هذه الملاحظات انطلاقا من زاوية تقنية.
الملاحظات تأتي في سياق محدد، ملاحظات مرتبطة بترسانة قانونية محددة. بالتالي، المغرب يتعامل مؤسساتيا مع الهيئات، سواء في إطار الهيئات التعاقدية أو غيرها. والمغرب انخرط في هذه المنظومة ويبذل مجهودات كبيرة جدا.
أستحضر مسألة أساسية عندما نناقش الاختفاء القسري، وهي مهمة جدا ويجب على الباحثين المغاربة استحضارها، وهي المتعلقة بتجريم التعذيب في الاتفاقيات. ربما هذا التقابل بين الاختفاء القسري والتعذيب قد يساعدنا على فهم هذا التحفظ المغربي في بعض الجوانب. ولكن المغرب الآن ليست لديه عقدة فيما يتعلق بتجريم التعذيب. القانون الجنائي يجرم التعذيب، وهناك مجموعة من الحالات.
ما الفرق بين هذه الآليات المتعلقة بتجريم التعذيب والاختفاء القسري؟ هذا هو المدخل الأساسي. يجب أن نستحضر أن الاختفاء القسري يندرج في إطار يرتبط بالماضي، يرتبط بآليات العدالة الانتقالية. وبالتالي، هنا الإشكال الأساسي الذي ربما يضع المغرب في مواجهة اللجنة.
عندما أعلن الملك محمد السادس سنة 2004 عن إحداث هيئة الإنصاف والمصالحة، اشتغلت على ملفات الاختفاء القسري وجبر الضرر، خاصة منذ الاستقلال عام 1956 إلى 1999 وتوليه العرش. كان هناك مجموعة من المحددات التي أطرت هذه العملية.
أولا، التجربة المغربية هدفت إلى الخروج عن إطار تجارب أخرى، خاصة في جنوب إفريقيا وأمريكا اللاتينية. لأنه لا يمكن أن نتحدث عن جبر الضرر وعن الاختفاء القسري دون أن نستحضر السياق العام. السياق العام أن المغرب اعتمد العدالة الانتقالية ورفع شعار المصالحة مع الماضي دون فتح باب فيما يسمى في التجارب الأخرى المتابعات الجنائية أو المحاكمات. دون الخوض في معاقبة الجناة.
ثانيا: هي أنه يجب أن نناقش الاختفاء القسري وما يترتب عنه انطلاقا من مفهوم العدالة الانتقالية. عندما نتحدث عن التجربة المغربية، يجب أن نضع تجارب العدالة الانتقالية في سياق عام.
هناك ثلاثة نماذج ربما يمكن أن نركز عليها كباحثين في العلوم السياسية والعدالة الانتقالية:
- نموذج مرتبط بالانتخابات: هناك دول انتقلت من السلطوية والاستبداد إلى الديمقراطية عبر آلية الانتخابات.
- نموذج تعديل الدساتير.
- نموذج المصالحة: وهذا النموذج اعتمد في جنوب إفريقيا والمغرب والبرازيل والأرجنتين.
تجربة المصالحة أفضت إلى اعتماد مجموعة من الآليات والخطوات، خاصة فيما يتعلق بفتح ملفات الماضي وجبر ضرر الضحايا وأسرهم. بالتالي، هذا المسار في المغرب اليوم يحتاج إلى فتح النقاش حول العدالة الانتقالية، باعتبارها مسار ممتد عبر الزمن، يحقق شروطا لتحقيق التراكم. هذا التراكم بطبيعة الحال يفضي إلى خلق مناخ قد يساعد على بناء نظام ديمقراطي وإصلاح مؤسساتي. هذا الإصلاح المؤسسي يعتبر ضمانة لعدم تكرار ما وقع في الماضي.
هذه التفاصيل المرتبطة بالملاحظات والردود، جوهر الإشكال مرتبط بفهم السياق المغربي. المغرب يتحفظ، وعندما نقرأ الردود المغربية، نجد في بعض الجوانب أنها هادئة، وفي بعض الأحيان غير دقيقة، وهناك طغيان الجانب التحفظي. التحفظ الذي يفهم منه أن المغرب يهرب إلى الوراء، وهذا هو الإشكال الحقيقي.
المغرب يحتاج اليوم إلى وضع قاعدة صلبة للتعامل مع اللجنة، انطلاقا من أن هذه الآلية المعتمدة في المغرب أفضت إلى فتح ملفات الماضي وتعويض المتضررين. طبعا، هناك إشكال آخر مرتبط بتأخر بعض الملفات على مستوى التعويض. وبالتالي، هذا إشكال استكمال مسطرة التعويض.
هناك إشكال آخر يرتبط بتدابير حفظ الذاكرة الجماعية. هناك تجارب دولية: جنوب أفريقيا، البرازيل، تشيلي والبرتغال. المغرب الآن ربما هناك استعداد لفتح مقر المعتقل تازمامارت، لكن هناك مقرات أخرى، بالتالي يجب التعامل مع هذه المقرات أو هذه المراكز على أنها جزء من الذاكرة الوطنية.
المغرب كذلك يحتاج أساسا إلى صيانة الذاكرة الوطنية. من خلال الاهتمام كذلك بالمدرسة، بالجامعة. يجب ألا تكون لدينا أي عقدة في التعامل مع هذا الماضي الأليم، ولكن هذا الماضي الأليم طريقة التعامل مع هذا الماضي جعلت المغرب يتبوأ مكانه فيما يتعلق بالمؤسسات الدولية التي تعنى بحقوق الإنسان. إذا يجب الاستمرار بدون عقد الاشتغال في تحقيق التراكم الذي يعكس أن المغرب منخرط في هذه الدينامية الدولية وليست لديه أي عقدة مع تاريخه. تصالح مع أبنائه، مع تاريخه، مع ذاته.
يجب أن نقارن بين الجوانب المتعلقة بالتعذيب وكيف أن المغرب استطاع في ظرف وجيز أن يشتغل على الجانب القانوني. لأن الحوار أو النقاش مع هذه المؤسسات التي تعنى واللجان المكلفة التي تستعمل في مجال حقوق الإنسان خاصة في إطار الجانب التعاقدي المتعلق باتفاقيات خاصة العهدين الدوليين، كذلك البروتوكولات الأخرى الإضافية.
المغرب من خلال تعاونه و شراكاته مع هؤلاء الشركاء عبر آليتين أساسيتين:
المغرب بالنسبة لدستور 2011 قدم ضمانات حقوقية، يشكل ضمانات لحماية الحقوق والحريات. الجانب التشريعي، المغرب عدل المسائل القانونية، خاصة القانون الجنائي، وأصبح بمقتضى هذا التعديل أن هناك تجريم للتعذيب، بل أن هناك محاكمات وهناك أمثلة واقعية في هذا الجانب.
الجانب الآخر المؤسساتي، دور القضاء والمؤسسات القضائية في حماية الحقوق والحريات، وكذلك دور المؤسسات الوطنية التي تعنى بحقوق الإنسان والتي تشتغل وفق مبادئ باريس. هنا أستحضر المجلس الوطني، الذي ربما يحتاج اليوم إلى إعادة النظر في طريقة اشتغاله وإعادة النظر في الخطاب الذي يتبناه في كيفية تعامله مع المؤسسات الدولية التي تعنى بحقوق الإنسان.
أختتم بمسألة أساسية، وهي أنه فيما يتعلق بجبر الضرر، هناك حاجة إلى استكمال مسطرة التعويض، ويجب إعطاء الأولوية إلى هذا الملف. المسألة الأخرى، عندما نتحدث عن تدابير حفظ الذاكرة الوطنية، يجب أن نرفع هذا التحفظ أو هذا التردد، صحيح التعبير. هناك إشارات قوية من أعلى سلطة في البلاد على أن المغرب يتعامل مع تاريخه، مع ماضيه بكل شفافية، وهناك خطوات لطي تلك الصفحات وخطوات عملية وفعلية. وبالتالي، يجب أن المضي قدما في ورش صيانة الذاكرة الجماعية.
المسألة الأخرى أنه يجب الانتباه إلى نقطة أساسية وهي ليست أقل أهمية، أن الجانب التشريعي القانوني والمؤسساتي مهم جدا في الخطاب المغربي مع هذه المؤسسات. لا يمكن أن نكتفي ببعض الردود التي تأتي في بعض الأحيان محمولة بالتحفظ أو النفي، والتي تجعل المغرب، في موقف دفاع. يجب أن نتخلص من هذا الموقف الدفاعي والانتقال إلى مرحلة أساسية، وهي أن نتحدث بلغة قانونية، بلغة مؤسساتية تعكس الواقع، وتحاول كذلك، إذا كانت هناك بعض النقائص، أن نتحدث بلغة تؤسس للمستقبل وتضع الشركاء في إطار هذه الدينامية التي ربما ليست سهلة، تحتاج إلى وقت، تحتاج إلى مجهود، إلى إمكانات هائلة، وإلى تراكم ثقافي ومعرفي.
أما مداخلة الدكتور ندير الإسماعيلي، أستاذ باحث بكلية الحقوق – مكناس، لقد اطلعت على تقرير لجنة الأمم المتحدة التي صرحت بملاحظاتها فيما يتعلق بتقييم إنجازات المغرب على المستوى التشريعي والعملي في قضية الاختفاء القسري. كما أنني تطرقت إلى الردود التي يقدمها المغرب على تلك الملاحظات.
إذا كنا نتحدث عن المنهج، كما أشار إلى ذلك الأستاذ المساعد المتدخل الأول، فإن كل تلك الملاحظات التي أبدتها اللجنة تقتضي لقاء وتداولا، وأن تفرد لها ما تستحقه من تمحيص ودرس وتحليل. كذلك، فإن التقييم يجب أن يكون دقيقا.
ما ورد في التقرير يتميز بطابع عام وتعميمي، حتى في كيفية السرد والتحرير، بطريقة تبدو كما لو أنها تحيلنا على قراءة اتهام بطريقة غير مباشرة. ليس خطاب بريء، فكيفية تقييم المعالجة وإبداء الملاحظات تحكمها بواعث ومحددات وأنماط وآليات ومرجعيات. كان من الأجدر أن يتم تفكيكها وتحليلها ومحاولة فهمها وتمييز ما قد يبدو موضوعيا مما قد يبدو أقل موضوعية، على الأقل أن أقول إن هناك نوعا من المركزية ونوعا من التحيز.
في أسلوبها أو في طريقة عملها، عمدت اللجنة إلى إجمال الإيجابيات فيما يتعلق بما قام به المغرب، وما يقوم به في تنفيذه واحترامه لإنجاز التزاماته الدولية المتعلقة بمعاهدة مكافحة الاختفاء القسري. إلى جانب ذلك، تعداد الجوانب الإيجابية التي وقفت عليها بشكل سردي وأدبي. تدرجي. إلى تعبيره عن رضاه واستقباله بشكل إيجابي لكل هذه المجهودات المبذولة، سواء في النصوص أو في المؤسسات أو في الإجراءات. ليقدم بعد ذلك تلك الملاحظات التي قسمها إلى طابع عام، ثم فيما يتعلق بتطبيق الاتفاقية، وتطرق إلى عدد من النقاط بشكل مفصل. واعتبار الاختفاء القسري جريمة.
الأهم في كل هذا هو أننا كباحثين ودارسين عمدنا إلى قراءة ولو بشكل عام للوثيقتين، سواء ملاحظات اللجنة أو الردود التي قدمتها الدولة المغربية. إذا رجعنا إلى قضية المنهج ستكون المقاربة نقدية وموضوعية وخلاقة في ذات الوقت، فإن منهج اللجنة نفسه معتل، وبالتالي هو الذي فرض على المغرب أو على الردود المغربية أن تأتي كما أتت بالشكل والمنطق وبالتدرجية واللغة التي وردت بها تلك الملاحظات. مع العلم أن تلك الملاحظات حاولت أن تستعمل مصطلحات مستمدة من القاموس القانوني والمعاهداتي و المفاهيمي بشكل عام. ردود الفعل المغربية التي طغى عليها في بعض الأحيان أسلوب ردود الفعل والأسلوب الأدبي في بعض الأحيان، وفي أحيان أخرى ردود مباشرة استفهامية أو استنكارية. مع ذلك، ظلت محتشمة إلى حد ما من ناحية البناء الاستدلالي والقرائن لتفنيد أو مقارعة تلك الملاحظات أو تلك التوصيات.
صحيح أن ردود الفعل المغربية ذكرت بمبادئ الحوار والتفاهم، وهذا ما أشار إليه الأستاذ المتدخل حينما تحدث عن ضرورة التفكير في منهجية تعاونية ومشتركة في إعداد الوثائق والتقارير. كما أن بعض الملاحظات لا تتسم بالموضوعية، وكذلك حسن النية.
كما أن المنهجية التي تبنتها هيئة الانصاف والمصالحة كانت منهجية متعددة، استمعت فيها إلى الجميع: الضحايا وعائلاتهم، والوثائق، وعانت من أجل الوصول إلى السجلات. ولا سبيل إلى إعادة الحديث عن التحديات التي واجهتها، والتي كانت قد اقتضت في بعض الأحيان التحكيم الملكي من أجل الولوج إلى الثكنات والولوج إلى ساحات المدافن، وغير ذلك.
فالمغرب من ضمن ثلاث دول عربية التي وقعت وصادقت على المعاهدة الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري. وحتى نكون موضوعيين ونتحلى بنوع من الانتباه والحيطة والحذر حين قراءتنا للخطابات، والتمييز بين ما هو تحامل وما هو موضوعي، وما هو مقبول وجيه.
بالإضافة إلى أن المغرب، من خلال هيئة الإنصاف والمصالحة، وكذلك من خلال حضوره وتقديمه للإفادات والمعطيات والمعلومات أمام هذه اللجنة، كان أكثر دقة وتدقيقا فيما أنجز. كما قال الأستاذ هناك أشياء أنجزت، وهناك أشياء في طور الإنجاز، وهناك أشياء تنتظر الإنجاز في الأفق المستقبلي.
فيما يتعلق بمشاركة المجتمع المدني، هل هناك مجتمع مدني وحيد. المقصود به المجتمع المدني تم الإنصات إليه ويعني إشراكه منذ البداية، المجلس وطني لحقوق الإنسان وهيئة الإنصاف ومنتدى الحقيقة إلى غير ذلك إلى هيئة الإنصاف والمصالحة هي جزء من كبير من المجتمع المدني الحقوقي. والذي شكل ليس فقط من مناضلين ومدافعين والمناصرين لقضايا الحقوق بل كذلك من ضحايا أنفسهم والذين اشرفوا على أشغال هيئة الإنصاف والمصالحة وقاموا بكل أطوارها من رحلة الكشف عن الحقيقة من جلسات الاستماع من التعويض من تقارير عدم التكرار من حفظ الذاكرة إلى غير ذلك إلى حدود الآن .
صحيح أنه لدى تلاوة التقرير النهائي أمام جلالة الملك في 2006 انتهت مهمتهم لأن مهمتهم كانت زمنية ومكانية من 1956 إلى 1999 وهذا يعني أكبر مدة في تواريخ لجان الحقيقة .وهذا عمل يجب أن ندرك أهميته وندرك حساسيته ودقته في الكشف عن الحقيقة وكذلك في مواجهة الاختفاء القسري وكشف مظاهره وكشف نتائجه سواء على العائلات وعلى الأسر وعلى فكرة الحرية وعلى الانتقال الديموقراطي وعلى مستقبل المؤسسات والعدالة ببلادنا .
فمنهجية هيئة الإنصاف والمصالحة ولجنة التحري والتقصي في حالات الاختفاء القسري ، كانت منهجية شفافة وواضحة اعتمدت على الضحايا أنفسهم استمعت إليهم وإلى المستندات والسجلات الرسمية وغيرها، إلى حدود استخراج الرفات، وكذلك القيام بالطب الشرعي وفحص الحمض النووي. العملية التي لازالت مستمرة إلى حد الآن والتجربة المغربية قامت على أساس مسؤولية سياسية أخلاقية للدولة وكانت هي السبب المباشر طبعا في الإنصاف والمصالحة وضمان عدم التكرار. مسلسل العدالة الانتقالية في صيغته المغربية و بالاستثناء المغربي يجب قراءته وتناوله ونحن الدارسين والباحثين انطلاقا من خصوصياتنا التاريخية والفكرية والدينية والأخلاقية ومن هويتنا الثقافية ونكون قادرين على الدفاع عنها وعلى مناقشتها. واستفهامها وتحليلها في مقارنتها مع التجارب الأجنبية والتجارب الكونية ونحن يجب أن نعترف أن التجربة المغربية لم تلقى حقها سواء في التجارب المقارنة وفي المنتدى الدولي. فتجربة جنوب إفريقيا يتم التطبيل لها والتهليل لها في حين أن نتائجها هزيلة جدا بالقياس إلى التجربة المغربية التي ساهمت في بناء المؤسسات وإلى خلق ثقافة حقوقية جديدة وكذلك ترسيخ مفاهيم المصالحة والتسامح.
وفيما يتعلق بالاختفاء القسري إلى غير ذلك حتى يمكن لنا أن نكون منتبهين ويقظين ومتعاونين مع المنتظم الدولي، ومع هذه الهيئة بشكل إيجابي وبشكل موضوعي وبشكل يجعلنا نستعمل اللغة والمصطلحات والمنطق للاستدلال والقرائن والكافية. فالملاحظات في عمومها تنقصها كثير من الموضوعية وفيها نوع من التحامل. فنحن مطالبون أولا بضرورة التحليل العقلاني لهذا الخطاب وكذلك مطالبون بضرورة التحاور الداخلي أشار الأستاذ على ضرورة توسيع المشاورات وإعداد التقارير الموجهة إلى المنظمة الدولية من طرف جزء من المجتمع المدني أو المجتمع المدني ككل أو المجتمع المدني الذي يهتم بالحقوق وكذلك المحيط الأكاديمي. لأنه هذا تقصير في هذا كله أنه نلاحظ أن هناك تقصير ملحوظ في إدماج المحيط الأكاديمي في عملية إعداد التقارير والانخراط في هذه المرافعة. حتى يمكننا أن شرح والتفسير والدفاع عن خصوصيات التجربة المغربية في العدالة الانتقالية وفي الفكر الحقوقي عموما. التي نحن اليوم نستفيد من هامش كبير بالقياس إلى لحظات تاريخية سميت بسنوات الرصاص.
أما الدكتور امبارك أفكوح عن المنظمة الدولية لحقوق الإنسان، حيث قدم قراءته من زاوية الضحية فأنا فرد من عائلة اختطفت لمدة سنة في مارس 1973 ونحن أطفال مررنا من أربعة أنواع من المعتقلات السرية ومع ذلك لم ندخل ضمن قوائم ضحايا الجرائم المنفصلة التي جاءت في هذا الباب.
لابد أن نبرز النواقص ولا يمكن أن نسكت عنها سوف يحتفل يوم 24 من هذا الشهر مارس باليوم الدولي للحق في معرفة الحقيقة بشأن الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان. وللإشارة فقط بأن كل مجتمع ينبغي أن يتمتع بالحق غير القابل للتصرف في معرفة الحقيقة كاملة بشأن الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان. أنا قرأت التقرير قرأت الردود قرأت التوصيات وكفرد كعضو مكتب سابق للمكتب التنفيذي للمنتدى المغربي من أجل الحقيقة والإنصاف والآن منسق لجنة الحماية في اللجنة الجهوية لحقوق الإنسان الدارالبيضاء سطات، قد اشتغلنا في ما قبل على التوصيات بما فيه الكفاية.
لابد من الحديث عن السياق المغربي في فترة من الفترات كان يطمح إن لم يتأتى له دون ما يسمى بالعدالة الانتقالية لربط الماضي بالحاضر .
فعقلية الجلاد حاضرة في المؤسسات ونحن اليوم والذي من الطبيعي أن من هذا المنطلق بديهيا وليس واقعيا أو نعرفها وأهدافها أن الأسباب والمسببات والغايات كلها عندنا إذن نعرف الطريقة إنجاز التقرير والتهرب من الواقع تظهر من خلال التقرير حيث أغلب الأرقام المتبقية نقدمها حول مقارنة مع تلك التي وخاصة لجنة عائلات المختطفين مجهولي المصير وضحايا الاختفاء القسري بالدولة فيما جرى .
إذن هذه كلها مبررات تبعد المسؤولية الدولة في أسلوب سياسي ويبعدها عن المسؤولية في فيما حدث ، التقرير أيضا يرمي بالكرة إلى المجلس الوطني حقوق الإنسان من جهة لشرعنة حقوق الإنسان ومسؤوليته على حصر لوائح ضحايا الاختفاء القسري ودراسة ملفاتهم مما يعني أن كل الحالات التي ظهرت بعدما تم حصره يبقى غير معترف به لضرب مصداقية كل من تقدم بشكاية في هذا الصدد الرد على كما هو الشأن في الردود على الفقرة 20 من قائمة المسائل كمثال أما الجانب المتعلق بالإحصائيات الرقمية وإعداد الاختفاء القسري فمنذ إصدار تقرير الختام بهيأة الإنصاف والمصالحة بتقارير المجلس الوطني والمجلس الوطني لحقوق الإنسان هناك تضارب في الأرقام.
أما مداخلة الدكتور بوجعبوط المصطفى، مدير المركز المغربي للعدالة الانتقالية ودراسة التقارير الدولية، حيث اعتبر أن اللجنة المعنية بحالة الاختفاء القسري تستند في بناء تقريرها على مجموعة من المعطيات والمعلومات من طرف الدولة ومن طرف المجتمع المدني في إطار ما يسمي بالتقارير الموازية. فإن التقرير الرسمي قدم سنة2021، يتضمن ويعتبر من أول التقارير التي قدمها المغرب للجنة المعنية بالاختفاء القسري فالتقرير يتضمن معطيات مهمة، هناك كذلك تقارير الموازية للمجتمع المدني.
يلاحظ أن تقرير اللجنة المعنية بالاختفاء القسري تضم ستة (6) محاور كبيرة جدا تتعلق ب69 فقرة، بينما ردود المملكة المغربية عنها ملاحظات عامة وخاصة ب 20 فقرة. بالتالي فالمغرب هنا في إطار ردود لم يقدم جل ملاحظاته على تقرير سواء في الملاحظة الختامية أو في قائمة المسائل المتصلة بالتقرير سنة 2022.
لا يوجد التوازن ما بين الردود هل هذا يعني أن جل الملاحظات التي قدمتها اللجنة المعنية بالاختفاء القسري، أن المغرب في اتجاه أذن صاغية لهذه الملاحظات أم أن قدمت هذه الملاحظات من أجل تقديم أو من أجل التفاعل في إطار الردود فقط. فالمضمون الذي يتعلق بالملاحظات التي قدمت في الغالب انها تتعلق بتقييم أو بعمل المغرب في إطار ما يسمي بالاختفاء القسري. خصوصا التقرير موجه للجنة المعنية باختفاء القسري. المسؤولية الجنائية والاختفاء القسري أو التدابير التي يتعلق بالضحايا….
هذا التقرير يجب أن ننتبه أنه قدم بشكل متأخر فالمصادقة على الاتفاقية كانت في 2013، بالتالي كان من المفروض أن يقدم التقرير سنة 2015 وقدم سنة 2021. وأن المغرب هنا قدم مبرر آخر على أنه لم يتم استكمال عمليات العدالة الانتقالية. وبالتالي فإنه اعتبر هذا المدخل من أجل تقديم هذا التبرير، بالرغم أن هذا التقرير متأخر في هذا الجانب. التقرير الذي قدمته المملكة المغربية سنه 2021. يتضمن معطيات في مسار العدالة الانتقالية بالمغرب يتضمن الاصلاحات المؤسساتية وقانونية مابعد دستور 2011. وقدم مجموعة من المعطيات والارقام التي تتعلق سواء بالتسوية الادارية أو المالية أو التغطية الصحية والادماج الاجتماعي وبرامج جبر الضرر والتعويض الفردي و غير ذلك من المعطيات.
في إطار الملاحظات هو أن حتى التقرير هناك علاقة ما بين اللغة المستعملة، في التقرير لغة تختلف عن تقارير منظمات حقوق الإنسان. وتختلف كذلك عن تقارير وزارة الخارجية الأمريكية هنا تقرير باختفاء القسري بأنها في غالب النقط تستند الي اتفاقية الذي صادق عليه المغرب. فإن مضمون الملاحظات لا تخرج عن مضمون الاتفاقية المعنية بالاختفاء. تحاول من خلال الملاحظات أن تبررها بمواد اتفاقية من حيث الالتزام أو عدم التنفيذ…
وأن الفريق المعني بالاختفاء القسري منذ تقريبا الثمانينات وهو يتابع مسار الاختفاء القسري بالمغرب. لذلك فإن البيانات والمعطيات تتوفر عليها اللجنة في إطار علاقتها بالعائلات وبالمجتمع المدني وبالدولة في إطار ما يسمي بتبادل المعطيات والبيانات.
ففي الفقرة 16 تضمنت ملاحظة لعدم توفر معلومات احصائية مصنفة للأشخاص المختفين. مع العلم أن في التقرير 2010 و 2009. قدم إثرها المغرب قائمة أسماء الضحايا وذوي الحقوق ما بعد نهاية عمل هيئة الانصاف والمصالحة هذا التقرير متواجد ولكنه غير محين إلى حدود الآن. ولكن الي حدود 2024 ليس هناك تقرير مفصل يضم أسماء بشكل دقيق مصنفة حسب الجنس والميل الجنسي والهوية الجنسانية والعمر والجنسية. والأصل العرقي أو الديني أو الجغرافي. هذه كانت ضمن الملاحظات التي وجهت كذلك للمغرب. إلي جانب هذا تدعو اللجنة المغرب إلي إنشاء سجل وطني واحد للأشخاص المفقودين وهنا أعود إلي تجارب دول العدالة الانتقالية التي قد اعتمدت سجلات للضحايا منها سيراليون جنوب افريقيا والأرجنتين…، المعلومات يمكن تكون دقيقة وتتوفر على تاريخ الاختفاء وظروف الاختفاء وأسباب الاختفاء وغيرها.
فالمجلس الوطني لحقوق الإنسان يقدم تقارير سنوية ويجب أن نميز ما بين الملاحظات التي قدمتها اللجنة وما بين الرد. بالتالي الملاحظة تتجه في اتجاه آخر والرد يتجه في اتجاه آخر مع العلم أن التقارير السنوية كسائر المجالس الوطنية على المستوى العالمي تقدم تقارير سنوية. بالتالي فإن الملاحظة تتعلق فقط بتقرير يتعلق بلجنة المتابعة. على علم أن المجلس الوطني لحقوق الإنسان يخصص صفحة أو ثلاث صفحات تتعلق بمسار أو التتبع ملف العدالة الانتقالية في تقريره السنوي.
الملاحظة الأخرى وهي تعتبر كذلك من التوصيات هي الإشكالية المرتبطة بالمقابر الجماعية، وهذه ملاحظة قدمت في إطار اللجنة فاعتبرت أن اللجنة تشعر بالقلق، حيث وجود مقابر جماعية في المغرب ومقابر بدون هوية، هذا ضمن الإشكالات التي تعرفها تجربة العدالة الانتقالية في المغرب. مثلا نجد أن قبورا بدون هوية غير معروفة، وبالتالي فإن اللجنة تدعو المغرب إلى إنشاء تحاليل الطب الشرعي لأجل معرفة والـتأكد من هوية الضحايا.
بالتالي لا يزال هذا الملف يعرف مجموعة من الإشكالات. كانت محور نقاش ما بين الطرفين يتعلق بنظام التعويض. لأن نجد في إطار مقارنة العدالة الانتقالية أن الدول الأخرى تنص صراحة على نظام التعويض الشامل والكافي، طريقة نظام التعويض أي هناك قانون يبين ويطرح إشكاليات التعويض. لأن في إطار هيئة الإنصاف والمصالحة أو في إطار الهيئة المستقلة تم اجتهاد في إطار مقارنة تمكين الضحايا بالتعويضات، وهذا إشكال طرح من طرف الضحايا . وبالتالي هناك ضحايا لم يتم تعويضهم بشكل منصف، وبالتالي فإنهم هنا يشعرون بنوع من الحيف مقارنة مع الضحايا الأخرى. فاللجنة تطلب من المغرب أن يكون هناك قانون النظام فيه طريقة نظام التعويضات، وهذا ينص صراحة كذلك في الاتفاقية المعنية بالاختفاء وخصوصا ما يتسق مع المادة 24 (الفقرتان 4 و5)
طريقة اتخاذ التدابير التشريعية لأجل التنظيم والوضع القانوني للأشخاص المفقودين الذين لم يتضح مصيرهم لأقاربهم لحد الآن. بالتالي فإن اللجنة تقدم ملاحظاتها في إطار عمل هيئة الإنصاف والمصالحة. بالتالي فإن اللجنة تتبع هذا المسار وتفاعلها في إطار العدالة الانتقالية. لأن المغرب انخرط أو صادق على هذه الاتفاقية يجب أن يلتزم بها.
فحفظ الذاكرة لها دور أساسي تعتبر من ضمانات عدم التكرار. لا يزال هناك مراكز لحد الآن فارغة وغير محروسة تتعرض للإهمال كما تضمنتها الملاحظات الختامية. بالرغم من أنها تعد أحد توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة التي أوصت بالقيام بتحويلها إلى مراكز ثقافية من أجل الاستفادة منها. و تشير اللجنة إلى أن التوصيات والمشاريع الرامية إلى الحفاظ على هذه المواقع وإحياء ذاكرتها، قد تم التخلي عنها أو لم يتم تنفيذها بالكامل .
الملاحظات في العموم الذي قدمت إلى المغرب هي ملاحظات مبنية على تفاعلها مع تقارير موازية للمجتمع المدني، ما يناهز 15 جمعية في جمعيات المجتمع المدني. وكذا أن تجد أن هيئات المجتمع المدني تتفاعل بشكل مباشر مع الفريق المعني بالاختفاء القسري واللجنة من أجل حالات جماعية أو حالات فردية. وعليه، فإن مسار العدالة الانتقالية في المغرب أعتقد أنه كان مسارا مهما استطاع من خلاله كشف مجموعة من الملفات وعمل على بناء ترسانة قانونية كبيرة في المغرب في إطار ما يسمى بمخرجات الوثيقة الدستورية.
ولكن هناك ملفات لا تزال عالقة في إطار ما يسمى بكشف الحقيقة والتحليل الجيني، والتدابير التي تتعلق بجبر الضرر أو الإطار المؤسساتي أو حتى الجانب القانوني.
لا يزال نجد أن هناك ملفات اعتبرت أنها ملفات خارج الأجل، يعني رغم أنهم ضحايا في اختصاص هيئة الإنصاف والمصالحة ولكن قدموا ملفاتهم خارج الأجل واعتبر المجلس الوطني لحقوق الإنسان أن ملفاتهم خارج الأجل. وبالتالي فإن هذا يتم في إطار العدالة الانتقالية لأجل معالجة هذه الملفات. أما في شان الإدماج الاجتماعي أعتقد أن الأمر في إطار البحث يجب أن ننتبه لهذه المسألة أن هناك معطيات تقدم ما بين تقرير وتقرير آخر أرقام تختلف من تقرير لآخر.
أن الملاحظات التي قدمت هي أداة تنبيه لمسار العدالة الانتقالية في المغرب وخصوصا الاختفاء القسري. لا أحد اليوم ينكر إيجابية التجربة وأهمية الاشتغال المؤسساتي. ولذلك فإن هذه الملاحظات مهمة وأساسية لعمل الردود والعمل على تطوير أدائها وتخرج من الجانب الإداري والتفاعل فعلا مع جمعيات المجتمع المدني. بالتالي يجب أن ننتبه لهذه المسألة ليس استحضار أو دعوة المجتمع المدني في ندوة أو محاضرة معينة نعتبرها أنها مشاركة في التقرير أو مشاركة بتقديم ملاحظات. يجب أن ننتبه لهذه المسألة لأنها أشارت إليها اللجنة المعنية بحالات الاختفاء لأجل توسيع المشاركة الفعلية. ودعوة المختبرات أو الجامعات في الانخراط في هذا المسار مع العلم أنها لديها مراكز وأساتذة متخصصين في هذا المجال يجب أن يستشار معهم لأجل التعريف أو لأجل تقويم أو تقديم ملاحظاتهم لبناء مقومات التقارير والردود البناءة.
وفي ختام الندوة فتح باب الأسئلة والنقاش والتفاعل بين المتدخلين والمتابعين للندوة، ناقش مجموعة من الأفكار فيما يخص الملاحظات وأيضا الردود.