تقرير عن الندوة حول: التقرير السنوي الجديد للمجلس الوطني لحقوق الإنسان 2020
تقرير الندوة حول موضوع:
التقرير السنوي الجديد للمجلس الوطني لحقوق الإنسان
_حالة حقوق الإنسان بالمغرب لسنة 2020 الصادر في مارس 2021
يوم السبت 12 يونيو 2021 على الساعة 20:00 ليلا.
كعادته المألوفة والحميدة دأب المركز المغربي للعدالة الانتقالية ودراسة التقارير الدولية على تنظيم ندوات عن بعد إسهاما من بالرقي بدرجات الحوار والتواصل العلميين مع جميع الفاعلين والمهتمين بالشأن الحقوقي في المغرب،وبمناسبة الذكرى الثانية لتأسيس المركز نظم ندوة عن بعد يومه السبت 12 يونيو 2021 على الساعة الثامنة(20.00) ليلا،كان موضوعها “قراءة في التقرير السنوي الجديد للمجلس الوطني لحقوق الإنسان،حالة حقوق الإنسان بالمغرب لسنة 2020 الصادر في مارس 2021″بمشاركة ثلة من الأساتذة الأفاضل :
- الدكتور عبد الجبار عراش أستاذ التعليم العالي كلية الحقوق سطات،رئيس مختبر الإنتقال الديمقراطي المقارن ؛
- الدكتور محمد النشناش عضو هيئة الإنصاف والمصالحة ؛
- الدكتور المصطفى بوجعبوط مدير المركز المغربي للعدالة الإنتقالية ودراسة التقارير الدولية؛
- الدكتور أحمد مفيد أستاذ التعليم العالي كلية الحقوق فاس؛
وكانت الندوة من تسيير الأستاذة كريمة الصديقي عضوة مؤسسة المركز المغربي للعدالة الانتقالية ودراسة التقارير الدولية.
في البداية تفضلت الأستاذة مسيرة الندوة بأخذ الكلمة بكلمة ترحيبية بالأساتذة الأجلاء وبالحضور المتابع الكريم ،وعرفت بالمجلس الوطني لحقوق الإنسان في كونه مؤسسة دستورية مستقلة تعنى بالدفاع عن حقوق الإنسان والحريات الفردية والجماعية وحمايتها وضمان ممارستها، وصيانة كرامة المواطن والمواطنات. فالمركز المغربي للعدالة الإنتقالية ودراسة التقارير الدولية ينظم هذه الندوة عن بعد بمناسبة الذكرى الثانية لتأسيسه، وتزامنت هذه الذكرى مع صدور التقرير السنوي للمجلس الوطني لحقوق الإنسان بالمغرب تحت شعار:”كوفيد وضع استثنائي وتمرين حقوقي جديد “وما صاحب هذا التقرير من عمليات مد وجزر بين كل الفعاليات الحقوقية وتتبع الرأي العام لمخرجات وتوصيات هذا التقرير الذي له سمة خاصة تتعلق بظروف خروجه.
في بداية النقاش أخذ الكلمة الدكتور محمد النشناش عضو هيئة الإنصاف والمصالحة، الذي أكد على أهمية التقرير ومعالجته لبعض الحالات الحقوقية التي تسترعي باهتمام الجسم الحقوقي المغربي والدولي على السواء في ظل هذه الجائحة،منها ترشيد إشكالية الاعتقال الاحتياطي، تفعيل الإفراج الشرطي، اعتماد عقوبات بديلة. وقال بكون التقرير فيه حيز مهم أكثر من مائتين صفحة، وتوصياته لتدبير هذه الحالات لم تتجاوز ثلاثة أسطر. وطالب بفكرة التوسع في معالجة هذه الإشكاليات وعلى رأسها الاعتقال الاحتياطي. وحالات الاغتصاب الممارسة على المرأة،وحالة القاصرين العابرين للحدود،وحالة جبر الضرر لكل المختطفين والإفصاح عن وضعية حالة المختفين منهم في سنوات الرصاص كحالة المهدي بن بركة ….
وفي مداخلة الأستاذ عبد الجبار عراش أستاذ التعليم العالي كلية الحقوق سطات ،مدير مختبر الانتقال الديمقراطي المقارن. أكد على أهمية التقرير وفي استنتاجاته القراءية العرضانية لهذا التقرير،خرج الاستاد بملاحظات شكلية تتمثل في حفاظ المجلس الوطني لحقوق الإنسان بالمغرب على وثيرته التنظيمية التقريرية التوثيقية التحقيقية في إخراج هذا التقرير على غرار تقارير أخرى صادرة عن المجلس الوطني لحقوق الإنسان. أما الملاحظة الثانية، فالتقرير عموما كان واضحا شاملا مهم غني بالمعطيات، وكان على واضعي هذا التقرير في إطار تجويده شكلا أن تتم إضافة محورا سابعا معنونا بالآليات الوطنية المحدثة للمجلس الوطني لحقوق الإنسان .وفيما يخص الملاحظات على المضمون، فالأستاذ قسمها إلى ستة مستويات تفسيرية تحليلية متداخلة:
- المستوى الدستوري ؛
- المستوى الدولاتي؛
- مستوى السياسات العمومية؛
- مستوى اللعبة الديمقراطية؛
- المستوى التنموي ؛
- المستوى الأمني ؛
وفي جانب تحليله لهذه المستويات الست،فهي حاضرة بنوع من القوة والتعمق والتنظيم كما يقو الأستاذ المحاضر . فأول هذه المستويات ،المستوى الدستوري، فالتقرير يتحدث في إطار العملية التقويمية عن الحقوق الإقتصادية والإجتماعية. ففي حالة وتوقيت إصداره فالتقرير يتحدث عن تعميق التفوتات، ولكن لا يذكرها بصراحة ولكن هناك إشارة ضمنية لها.فالمستوى الدستوري مرآة عاكسة لتلك المفارقة الصارخة بين النص الدستوري والواقع.وعرج الأستاذ على كل النواقص الذي تعثري التقرير على هذا المستوى الأول. مثل عدم تفعيل المقتضيات الدستورية ،المساءلة ،ربط المسؤولية بالمحاسبة،انفراد الحكومة بالتشريع في ظل هذه الجائحة،ووجود مؤسسات دستورية غير مفعلة، هيئة المناصفة ومكافحة التمييز، المجلس الاستشاري للأسرة والطفولة،مجلس اللغات والثقافات.كل هذه التعثرات الدستورية كما يقول الأستاذ تؤثر على فعالية حقوق الإنسان .
أما المستوى الثاني، المستوى الدولاتي، فطرح الأستاذ سؤالا محوريا مفاده،أي شكل من أشكال الدولة الذي نحن بصدد الحديث عنه؟ ولماذا؟؟؟؟ وكمعالجة لهذا الخلل على هذا المستوى الدولاتي فلابد من إسقاط مفهوم الدولة وتطورها،من مفهوم دول الشمال على دول الجنوب .وتساءل عن جدوى وفعالية القرارات المتخذة من خلال السياسات العمومية. وفي إطار ملاحظاته حول مستوى السياسات العمومية، لاحظ الأستاذ هناك التباس مفاهيمي جاء به التقرير، وذلك بالخلط بين مفهومي السياسة العمومية والسياسة العامة مع دمج حقوق الإنسان في السياسات العامة (الصفحة 161 من التقرير). وغابت عن صانعي التقرير مقاربة مهمة،ألا وهي المقاربة التشاركية التي توضح بجلاء دور المواطن كملاحظ ومراقب وفاعل وساهر على حقوق الإنسان . فالتقرير طغى عليه مفهوم الاقتصاد المستدام وفي إشارة صريحة لهذا تضمن التقرير بصفحته 17 مايلي “قوة الاقتصاد المستدام تقاس بقدرته على تمويل الحقوق الاقتصادية والاجتماعية “. وتم إغفال الرابط الذي يربط بين المقاربة الاقتصادية والسياسية، وكذلك الترابط بين ذكر السياسات العمومية والإختلالات التي تؤثر على دورة السياسات العمومية التي لها بحقوق عيش الأفراد.والتقرير لم يعالج إشكالية غياب سياسات عمومية في التعليم والقطاع الصحي، وفي القضاء.
وعلى مستوى اللعبة الديمقراطية فالتقرير أبان عن المناعة الحقوقية الهشة باعتماده على الجانب الاقتصادي ولم يمس الحقوق السياسية والتأثير على التحول الديمقراطي، فكان حري على التقرير التذكير بالاختيار الديمقراطي الى جانب الاختيار الحقوقي بكون هناك علاقة ترابطية بين الخيارين،والتقرير لم يسجل هناك مخاطرة كبيرة محدقة بالتحول الديمقراطي في مجال التشريع ،كمثل تشريع قانون الجائحة.
وفي جانب المستوى التنموي تم الجمع بين كل أجيال حقوق الإنسان باعتبارها مرتكزات للتنمية، ولم يتحدث عن ضعف السياسات العمومية وتمفصلها عن النمو الاقتصادي .وبالواضح الملموس هناك طغيان الهاجس الاقتصادي على التقرير في إطار بلورة النمط التنموي.
وعلى المستوى الأمني فالتقرير بالأهمية بما كان وضع الأصبع منبها ومنذرا بالتفاوتات الاجتماعية والمجالية الصارخة على حد تعبير الاستاذ ، فأضحت هذه التفاوتات مصدر تهديد للسلم الاجتماعي والتوازنات البيئية ،لهذا وجب التفكير في وضع سياسات مندمجة ومدمجة حتى لاتتسع الهوة .وذكر التقرير مستوى الحكامة الأمنية وارتباطها بتوصيات هيئات الإنصاف والمصالحة وسجل عدة تطورات وممارسات على الصعيد الأمن .واستنتج أن فكرة الاختيار الحقوقي والمناعة الحقوقية لن يكونا مستدامين إن لم يتم بتكريس وتفعيل الاختيار الديمقراطي .
وفي بداية مداخلة الأستاذ أحمد مفيد أستاذ التعليم العالي كلية الحقوق فاس،التي أكد على أهمية التقرير في تكريس دستوري بكون مؤسسات الحكامة تقوم بإعداد تقرير سنوي وتقدمه إلى الجهات المسؤولة وعلى رأسها جلالة الملك محمد السادس نصره الله . وخلص الأستاذ إلى وجود عدة ملاحظات منهجية على التقرير ،بكون تشخيص مجالات تدخل حقوق الإنسان ، وخروج المجلس بمخرجات وتوصيات تبقى منهجية مهمة في العمل .لكن هناك نقط ضعف ونقط قوة في هذا التقرير . فمن بين نقط الضعف كون التوصيات ذات طبيعة عامة . وناقش الاستاذ الأساس الدستوري والقانوني الذي استندت له الحكومة في ظل جائحة كورونا بسلك مسطرة تشريع حالة الطوارئ، وشرح بكل تفصيل حيثيات هذا الإجراء ومرجعياته الدستورية والقانونية. وقال إن كان هناك من الممكن تقيد الحريات فلابد من احترام الأساس الدستوري والقانوني الصريح ،ولمدة معينة محدودة،وتبقى الغاية من أجل حماية المصلحة العامة .وقد أوصى الاستاذ بضرورة وضع إطار قانوني لحالة الطوارئ وأكد على ضرورة التطرق إلى عدة مخرجات قانونية تشريعية لسن مثل هذه حالات الطوارئ داخل التقرير السنوي للمجلس مع تعزيز المنظومة التشريعية الصحية بواسطة مقاربات معقولة تهتم بنظام الحماية الاجتماعية ،والرفع من ميزانية الصحة ،تفعيل الإستراتيجية الصحية والبحث العلمي ،نهج مقاربة استباقية صحية ،وضرورة تعميم المراكز الإستشفائية ،وفي جانب التعليم لاحظ إن التقرير فارغ من أية توصية تشخصية لتداعيات الجائحة على القطاع التعليمي وعلى رقمنته. وفي مجال التشغيل التقرير لم يشر إلى مسؤولية القطاعات الترابية ،فالجهة أصبحت مسؤولة عن قطاع التشغيل تفعيلا وتدعيما لإرساء الجهوية المتقدمة مع تدعيمها بكل الإمكانيات . وتوصيات المجلس بالنسبة للأمن الغدائي كلها انصبت في المجال الفلاحي ولم تتدارك الصناعة الغذائية .وطالب بإخراج مدونات قانونية، كمدونة الحياة الجمعوية ،فظهير الحريات العامة لسنة 1958 هو الذي لازال ساريا بالرغم من التعديلات التي طرأت عليه .وعموما تبقى توصيات تتسم بالعمومية وتفتقد لجانب الدقة والوضوح .لهذا وجب اعتماد منهجية المقاربة التشاركية وإدخال جميع الفاعلين والتفاعل بشكل استباقي مع جميع المتغيرات الحقوقية التي تضر بجميع الميادين التي لها صلة بحقوق الانسان .
وفي مداخة الاستاذ المصطفى بوجعبوط مدير المركز المغربي للعدالة الانتقالية ودراسة التقارير الدولية ،فعرض مرجعيات استصدار هذا التقرير حسب ما تنص عليه المادة 35 من القانون 67.15 المنظم للمجلس الوطني لحقوق الإنسان ،وركز على المحور السادس .وتساءل هل من المجدي نفعا أنه بعد مرور خمسة عشر سنة على تقرير هيئة الإنصاف والمصالحة ،هل المجلس لازال يتتبع توصيات هذه الهيئة ،إذن هناك عطب وتوقف ؟؟؟؟وذلك يتضح جليا في إعادة هيكلة لجنة تتبع توصيات لجنة الإنصاف والمصالحة ،وواقع الحال يؤكد بقاء دار لقمان على حالها. فالمجلس يؤكد على إصدار 131 مقررا فيما يتعلق بالجانب المالي ولا زال في طور مصادقة الحكومة على ذلك .وعند قراءته لإشكالية تبني المجلس للمقاربة التشاركية مع الجمعيات الحكومية ،اتضح لرئيس المركز هناك استفزاز متني ،أي بتكرار نفس العبارات الاستفزازية في تقارير المجلس السنوية .وبخصوص مجال كشف الحقيقة فهناك لا تزال حالات للاختفاء القسري لم يقدم بشأنها لا المجلس ولا الحكومة إجابات معنية . أما المجال الصحي المتمثل في التغطية الصحية فالمجلس راسل الحكومة حول تظلمات الضحايا بشأن كوفيد19 ومحنته على المواطنين. وبخصوص حفظ الذاكرة خرج المجلس بعدة توصيات لم تلقى طريقها للتفعيل ،والمجلس لازال في إطار الحوارات وعقد جلسات مع مختلف الفاعلين لتقريب التصورات والرؤى حول معالجة الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان. وفي آخر تدخله نوه رئيس المركز بعمل المجلس،مع ضرورة التفصيل بين ما يسمى بأعمال المجلس والتقرير السنوي للمجلس الوطني لحقوق الإنسان.وكانت أسئلة الحضور من جانب المتتبعين بالشكل التالي:أولا كيف يمكن تفعيل توصيات المجلس،ثانيا معالجة إشكالية التفصيل بين أعمال المجلس وتقريره السنوي،ثالثا العدالة الانتقالية،رابعا هل تقرير المجلس يعتمد على تقرير النموذج.
واعتبر محمد النشناش عضو هيئة الإنصاف والمصالحة بكون محاضرة اليوم بمثابة تقرير موازي للتقرير السنوي للمجلس، والمجتمع المدني اكتفى بعملية الإنصات ليست له أية مشاركة ،وبكون التوصيات جاءت بطابع عمومي ولم تكن مدققة،وطالب المجلس بالتحري بالجرأة في طرح الإشكالات الحقوقية، والتأكيد على البحث العلمي لكونه هو المخرج الوحيد لكل المعضلات الاجتماعية والاقتصادية ،ودعا إلى تفعيل توصيات هيئة المناصفة.
أما عبد الجبار عراش أستاذ التعليم العالي كلية الحقوق سطات ،مدير مختبر الإنتقال الديمقراطي المقارن فميز بين إعمال وتضمين السياسات العمومية من خلال:التميز بين السياسات العمومية وحقوق الإنسان،والتميز بين السياسات العمومية وحقوق الإنسان من منظور حقوق الإنسان، وتضمين السياسات العمومية وحقوق الإنسان. فتضمين هذه السياسات في المقاربة الحقوقية هو تقليل منها،ولهذا وجب تكريس المقاربة التشاركية التي جاءت لتكميل الديمقراطية التمثيلية، واستحضار المواطن باعتباره فاعلا في السياسات العمومية في كل مراحل دورات السياسات العمومية، من بلورة وتتبع وتقييم وتنفيذ .فالتقرير جاء في إطار التفاعلات بين المحلي والمحلي ،واقترح مساهمات قصد التفاعل مع لجنة البرنامج التنموي
وأجاب أحمد مفيد أستاذ التعليم العالي كلية الحقوق فاس عن أسئلة المتتبعين ،طالب بالتفريق بين تقرير النموذج التنموي وتقرير المجلس الوطني لحقوق الإنسان فأقر بكون هناك تقاطعات بين تقرير لجنة النموذج التنموي وتقرير المجلس الوطني لحقوق الإنسان ،فهناك عدة تقاطعات باعتبار الحقوق الاقتصادية والاجتماعية سياسات عمومية .هذا التقرير به تقرير حول الواقع الحقوقي وحصيلة المجلس لحقوق الإنسان ،وفيه تشخيص للواقع الحقوقي وبه عدة مقترحات قد نتفق معها أو لا نتفق معها .فهو تقرير يبقى مهم في احترام لالتزام دستوري ،تقرير يضم توصيات ذات طبيعة عامة ولكن مهمة، تأكيد على المقاربة التشاركية بإشراك المواطن وكل المتدخلين في الشأن الحقوقي .مع ضرورة التفاعل الايجابي من لدن السلطات المعنية وترجمة التوصيات على أرض الواقع.