جلسات الاستماع العمومية في ضوء تجارب العدالة الانتقالية الأفريقية: مدخل لترسيخ قيم التسامح والصفح والمصالحة. دراسة مقارنة بين المغرب، تونس، سيراليون، جنوب أفريقيا.

د.المصطفى بوجعبوط، مدير المركز المغربي للعدالة الانتقالية ودراسة التقارير الدولية- المملكة المغربية.                                       ملخص:

تُعدُّ جلساتُ الاستماع العُمُوميَّة أحد المُرتكزات الأساسية والمشتركة ما بين تجارب لجان الحقيقة والمصالحة في إطار آليات العدالة الانتقالية، للدول الخارجة من النزاعات والحروب الأهلية وغيرها. فقد تلعب جلسات الاستماع بأنواعها دورا رياديا تربويا بيداغوجيا لضحايا الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، فهي لحظة تسمح للضحية أو الشاهد بتقديم تجربته حول ما تعرض له من الانتهاكات الخطيرة لحقوق الإنسان سواء كانت هذه الجلسات علنية أو سرية فردية أو جماعية أو مؤسساتية، تعد لحظة إشفائية للحكي الجريح الشفوي عن ألم الماضي. غير أن تجارب قيد الدراسة وضعت إطارا تنظيميا توجيهيا للشاهد أثناء الاستماع لتهيئته أمام الجمهور أو حمايته أو غير ذلك. غير أن تجارب العدالة الانتقالية تختلف فيما بين المرجعية التنظيمية لجلسات الاستماع بمختلف أنواعها، حسب مرجعيتها وطبيعتها السياسية وبيئتها المحلية.

الكلمات المفتاحية: العدالة الانتقالية- لجان الحقيقة المصالحة -جلسات الاستماع العمومية – جلسات الاستماع السرية – الشاهد- الحكي الجريح – شفاء اجتماعي – قول الحقيقة-  الانسجام الاجتماعي –الاستماع الجماعي.

Abstract:

      Public hearings are one of the fundamental and common pillars of TRC trials within transitional justice mechanisms for countries emerging from conflict, civil wars and others. Hearings of all kinds may play a leading pedagogical role for victims of gross human rights violations, It is a moment that allows the victim or witness to provide for the serious violations of human rights, whether such meetings are public or private, collective or institutional secrecy. It is a healing moment for the wounded oral narrator of the pain of the past. However, the experiments under study developed a regulatory framework for the witness while listening to his or her public preparation, protection or otherwise. However, the experiences of transitional justice vary among the organizational reference of the various hearings, depending on their authority, political nature and local environment.

Key Words: Transitional Justice- Truth Commissions Reconciliation – Public hearings – Secret hearings  – Witness – The wounded story – Social Healing – Tell the truth- Social harmony – Collective listening.

مقدمة:

إنَّ تطوُّر جلسات الاستماع العُمُوميَّة تعُودُ إلى تجارب لجان الحقيقة والمُصالحة خلال المراحل الأساسيَّة والتأسيسيَّة التي مرَّت بها دولُ أمريكا اللاتينية في استعمال هذا المنظُور البيداغُوجيِّ في اطار العدالة الانتقاليَّة من خلال تقديم الضَّحايا وأهاليهم شهادات شفهيَّة صادمة عن سُوء استغلال السُّلطة واستبدادها، التي أدَّت إلى انتهاك حُقُوقهم الكونيَّة. ولذلك، فإنَّ قُدُوم الضَّحايا أمام الرأيِّ العامِّ المحلِّيِّ والدَّوليِّ عبر وسائل الإعلام والاعتراف لما تعرَّضُوا لهُ من انتهاكاتٍ واسعةٍ، بقصد فضح أساليب نظامه السياسي؛ من أجل استرجاع كرامتهم والإقرار الرَّسميِّ والعلنـيِّ بمُعاناتهم وترسيخ ثقافة حُقُوق الإنسان[1].  إنَّ فهم الأحداث التي وقعت في الماضي مُحاولةٌ لإشراك الأجيال في مُعاناتهم عبر الحكي الجريح، وتقديم التاريخ الصحيح لتلك الأحداث والانتفاضات الاجتماعية والانقلابات السياسية عبر آلية الحكي، وتقريب مسارهم ومُعاناتهم في بعث قيم المُصالحة الوطنيَّة عبر مداخل العـدالة الانتقاليَّة.

فقد وضعت لجان الحقيقة إطارا تنظيميا وقانونيا لجلسات الاستماع العمومية والسرية وغيرها، لتوفير فضاء لنقاش العمومي حول مخلفات الماضي، وذلك بعد التهُّيؤ للجلسات قبل بثها، سواءٌ من خلال تأطير الضَّحايا أو الشُّهُود بإعداد قبلي لوجستيكي لمُجريات الجلسات. فجلسات الاستماع تعد لحظة اشفائية تمكن الضحايا والشهود باطلاع الرأي العام على حجم الانتهاكات الخطيرة لحقوق الإنسان، التي عرفتها بلادهم أثناء فترة تاريخية التي انبثق منها صراعات سياسية أدت إلى حروب أهلية أو ممارسة السلطوية المفرطة، فهذه الجلسات تسعى إلى منح رسالة تربوية لأجل الحفاظ على الذاكرة الوطنية عبر الحكي الشفوي، لأجل ضمان عدم تكرار الانتهاكات وتثقيف مختلف الانتهاكات في الماضي، وتمكن الضحايا لأول مرة البوح لما تعرضوا له عبر منابر اعلامية عمومية التي تشكل الاعتراف الضمني للدولة لما اقترفته من انتهاكات طالما تسترت عنها في مختلف الأزمنة من الماضي.

وعليه، فإنَّ جلسات الاستماع ماهي إلا إعادةُ انتصار الحقِّ على الظُّلم وتفكيك منظُومة الاستبداد والجرائم الاقتصاديَّة والسِّياسيَّة ومحو آليَّات التَّمييز العُنصُريِّ وتفكيك سُلطويَّة الأنظمة السَّابقة في مُختلف القطاعات الحُكُوميَّة، والدَّعْـوة إلى إقرار السَّلام والسِّلم الاجتماعيِّ عبر تحقيق العـدالة الاجتماعيَّة، وإصلاح قطاع العـدالة وإقرار الحكامة الأمنيَّة في مُختلف قطاعات الشُّرطة والقُوَّات العُمُوميَّة، وذلك لأجـل ترسيخ مبدأ عدم الافـلات من العقاب لتحقيق قيم التسامُح والإنصاف والمُصالحة المُجتمعيَّة[2].

وترتيباً على هذا، تمَّ اختيارُ بعض تجـارب العـدالة الانتقاليَّة الأفريقيَّة مُتباينة من حيثُ الأنظمة السِّياسيَّة والجُغرافيَّة وطبيعة الصِّراعات والنزاعات، فانصبَّتْ هذه الورقة إلى تجارب عـربيَّة للعـدالة الانتقاليَّة (المغرب وتونس)، وتجارب أخرى في نفس القارَّة تجربة سيراليون وتجربة جنُوب أفريقيا.

أهمِّيَّةُ الدِّراسة: تكتسي هذه الدِّراسة البحثيَّة أهمِّيَّة كُبرى في معرفة الإطار التَّنظيميِّ والقانُونيِّ لجلسات الاستماع العُمُوميَّة والسِّرِّيَّة والنَّوعيَّة لتجارب لجان الحقيقة والمُصالحة بإفريقيا، وقياس مدى استجابتها لحاجيَّات الضَّحايا لتحقيق المُصالحة المُجتمعيَّة بين الضَّحايا والجلاَّد.

أهدافُ الدِّراسة: تهـدفُ هـذه الدِّراسة إِلَى:

  • معـرفة أثر جلسات الاستماع العُمُوميَّة للجان الحقيقة على مُستوى تجارب لجان الحقيقة والمُصالحة بأفريقيا.
  • مدى مُساهمة جلسات الاستماع في تحقيق وترسيخ قيم المُصالحة الوطنيَّة وردِّ الاعتبار للضَّحَايَا قَيْد الدِّراسة.
  • مُحاولة الاطلاع على تجارب جلسات الاستماع العُمُوميَّة لتجارب العدالة الانتقاليَّة الأفريقيَّة قيد الدِّراسة.

الإشكاليَّة: تُثيرُ إشكاليَّة موضُوع الدِّراسة على: تقديم الإطار التَّنظيميِّ والقانُونيِّ لجلسات الاستماع وتحديد نماذج من تجارب لجان الحقيقة والمُصالحة الأفريقيَّة ومدى مُساهمتها في ترسيخ المُصالحة الوطنيَّة.

وتُفـرزُ هـذه الاشكاليَّة الرَّئيسيَّة اشكاليَّتيْنِ فرعـيَّتَيْنِ:

  1. الإطــارُ التَّنظيميُّ لجلسات الاستماع في تجارب العـدالة الانتقاليَّة الأفريقيَّة.
  2. تجاربُ من جلسات الاستماع في تجارب لجان الحقيقة والمُصالحة قيد الدِّراسة.

المَنْهَجُ المُتبَّعُ: تمَّ الاعتمادُ من خلال هذه الدِّراسة، على المنهج القانُونيِّ من تحليل الاطار القانُونيِّ لعمل لجان الحقيقة في مجال تنظيم جلسات الاستماع بأنواعها، وتقنية تحليل مضمُون والوثائق المُترتبة عنها، وتطعيمه بآليَّاتٍ أخرى، كـ: التَّدقيق التَّنظيميِّ، والتَّدقيق القانُونيِّ، والتَّدقيق البشريِّ واللوجستيكيِّ.

نظريَّة الدِّراسة: تعتمدُ أغلبُ تجارب لجان الحقيقة والمُصالحة ضمن أبعادها وأهدافها الأساسيَّة، نهج ارشاديَّة يُمكنُ أن نُسمِّيها “برادايم الانتقال الديمُوقراطيِّ“، كآليَّة للخُرُوج من فترة الصِّراعات والنزاعات والحُرُوب الأهليَّة إلى السِّلم والسَّـلام والاستقرار الاجتمـاعيِّ.

فرضيَّات الدِّراسة: وبناءً على هـــذه النَّظريَّة، يُمكنُ تقديمُ فرضيَّات من تحديد غاياتٍ مُتعدِّدةٍ، ومُتناقضةٍ أحياناً، وتتمثلُ في مــا يـلي:

  • جلساتُ الاستماع الأفريقيَّة تعتمدُ على نفس نهج تجارب العدالة الانتقاليَّة.
  • جلساتُ الاستماع الأفريقيَّة تعتمــدُ على نهـج ذات خُصُوصيَّة محلِّيَّة.

محاورُ الدِّراسة:

المحورُ الأوَّلُ: الاطارُ التَّنظيميُّ والقانُونيُّ لجلسات الاستماع: دراسةٌ في تجارب غير عربيَّة.

المحورُ الثاني: تجاربٌ عربيَّةٌ في ضــــوء جلسات الاستماع العُمُوميَّة.

وبناءً على هذه المحاور الرَّئيسيَّة، تُحاولُ هذه الورقة الاجابة عن تساؤلات رئيسيَّة وأساسيَّة، تتجلَّى في ما يلي:  ما هُو الاطارُ القانُونيُّ لجلسات الاستماع لتجارب لجان الحقيقة والمُصالحة قيد الدِّراسة؟، ما هُو الاطارُ التَّنظيميُّ والتَّوجيهيُّ لتجارب العدالة الانتقالية قيد الدِّراسة؟، ماهي أُسُسُ وآليَّاتُ عمل لجان الحقيقة والمُصالحة من خلال جلسات الاستماع؟.

المطلب الأول: الاطار التنظيمي والقانوني لجلسات الاستماع: دراسة في تجارب غير عربية:

اتسمت تجارب لجان الحقيقة والمصالحة الأفريقية، بإطار تنظيمي وقانوني ذا أهمية أساسية فيما يتعلق بنهج آليات العدالة الانتقالية، غير أنها تختلف من تجربة إلى أخرى، حسب الخصوصيات المحلية والنوعية لجسامة الانتهاكات التي عرفتها أنظمتها السياسية، فنهج جلسات الاستماع بأنواعها وآلياتها في شتى مراحل إعداد الشاهد لتقديم شهادته بكل الظروف الملائمة دون تعرضه لمخاطر بعدية أو قبلية، ويمكن من خلال هذا، الوقوف على الاطار التنظيمي لجلسات الاستماع من خلال ما يلي:

  • تنظيم جلسات الاستماع واقع تجارب لجان الحقيقة الأفريقية )الفرع الأول(.
  • تجارب لجان الحقيقة الأفريقية في ضوء جلسات الاستماع )الفرع الثاني.(

الفرع الأول: تنظيم جلسات الاستماع واقع تجارب لجان الحقيقة الأفريقية:

تنظيم، تأطير، توجيه، إلزام، كلها مرادفات (انعكست في صُورة اجراءات) بطريقة مباشرة وغير مباشرة ضمن جلسات الاستماع العمومية في تجارب لجان الحقيقة والمصالحة، فهي سمة مشتركة للجان الحقيقة والمصالحة في مختلف تجارب العدالة الانتقالية.

فقد اعتبرت جلسات الاستماع أداة مهمة لرد الاعتبار لكرامة الضحايا الذين عانوا من الانتهاكات الجسيمة في الماضي، أو الضحايا الذين أرغموا الالتزام بالصمت الإجباري قبل مأسسة لجان العدالة الانتقالية نحو تأسيس علاقة جديدة بين الدولة والمجتمع. والوقوف على الأسباب الجذرية للانتهاكات والمُعاملات القاسية، وتقديم الضمانات الواقية لعدم التكرار ذلك في المستقبل. وبالتالي، فإنها ليست بالمحاكمة أكثر مما هي شفاء اجتماعي Social Healing  ونفسي مع الماضي من خلال تكسير الصمت عبر “منبر رسميٍّ علنيٍّ لسرد المحن والمآسي التـي كابدُوها على الملأ، الأمرُ الذي ينُمُّ عن عزمها الصادق على طي صفحة الماضي”[3].

وعليه، فإن منظور جلسات الاستماع تعتمد النقط التالية:[4]

  • رد الاعتبار للضحايا، وإعادة الاعتبار لكرامتهم من خلال إسماع صوتهم مباشرة بالحديث عن ما تعرضوا إليه من انتهاكات؛
  • الوصول إلى الحقيقة حول الأحداث التي ارتبطت بانتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان؛
  • حشد الدعم العمومي لقضايا الانصاف والحقيقة والمصالحة؛
  • بعث قيم التصالح والمساهمة في المصالحة من خلال حضور بعض مرتكبي الانتهاكات؛
  • إبلاغ الرأي العام بالمعلومات ونتائج عمل اللجنة بكل شفافية.

وعلاوة على هذا، فإن اعتماد لجان الحقيقة جلسات الاستماع جعل الدولة تعترف رسميا بالانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، وكما أنها تقوم بتشجيع وعلى “..تفهم الجمهور للضحية وتعاطفهم معه،…والتقليل من احتمال إنكار بعض قطاعات المجتمع للحقيقة[5]، وبهذا اعتمدت بعض التجارب، وذلك بوضوح لأجل صياغة خطاب وطنـي حول ماضي الانتهاكات من خلال جلسات الاستماع المفتوحة والمغلقة بدرجة متفاوتة على ضوء تجارب لجان الحقيقة.

فتنظيم جلسات الاستماع بأنواعها تشكل مرحلة مهمة وحاسمة لعدم تكرار الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في المستقبل، فهي تؤسس لميثاق جديد حول المصالحة الوطنية وتحقيق الوحدة الاجتماعية بالانسجام والتضامن بين مختلف الفرقاء في الماضي، لأجل بناء مقومات الديموقراطية عبر ترسيخ قيم الهندسة المؤسساتية والقانونية لبناء دولة الحق والقانون.

الفقرة الأولى: الإطار القانوني لجلسات الاستماع في تجربة جنوب أفريقيا:

ينص الفصل 6 من قانون لجنة الحقيقة والمصالحة[6] في الفقرة 29 على أنه:

  1. يجوز للجنة في تسيير التحقيقات وجلسات الاستماع حسب الاقتضاء:
  • القيام بعملية التفقد في أي وقت قبل بدء أو أثناء التحقيق أو جلسات الاستماع.
  • عن طريق إشعار كتابي، دعوة أي شخص يملك أي عنصر تعتبره اللجنة هاما في سير التحقيقات أو جلسات.
  • عن طريق إشعار كتابي، دعوة أي شخص للمثول أمام لجنة الحقيقة والإدلاء بشهادته أو الإجابة عن أسئلة ذات صلة بموضوع الجلسة.

أما بالنسبة للإجراءات المتبعة في التحقيقات وفي جلسات الاستماع، تنص الفقرة 30 من نفس الفصل على أنه:

  1. وجب على لجنة الحقيقة والمصالحة أو لجنة فرعية أخرى أن تتبع الإجراءات المعمول بها والمقرر لذلك عند القيام بالتحقيقات وبجلسات الاستماع، وفي صورة عدم وجود إجراء مقرر يقع اتباع الإجراء الذي تحدده لجنة الحقيقة أو الإجراءات المحددة من اللجان الأخرى.
  • إذا تم أثناء التحقيق أو أثناء جلسة الاستماع أمام لجنة الحقيقة.
  • تدخل طرف في المساءلة…
  • تتخذ اللجنة قرارا يضر بمصالح الطرف المعني.
  • إذا لحق شخص ما ضرر بسبب انتهاك جسيم لحقوق الإنسان، يجب على لجنة الحقيقة والمصالحة، إن أمكن ذلك للشخص المعني أن يتقدم أمام اللجنة في موعد محدد ليدلي بما تضرر بشأنه ويقدم أدلة وبراهين في جلسة استماع أمام لجنة الحقيقة.

وتنص الفقرة 33 من الفصل 6 على الاجراءات والتدابير التي يجب اتخاذها في جلسات العلنية والتي تتجلى في:

  1. تكون جلسات لجنة الحقيقة والمصالحة علنية.
  • يمكن للجنة أن تأمر بأن تكون الجلسة مغلقة إذا رأت أن ذلك من مصلحة العدالة أو أن علنية الجلسة قد يضر بمصالح طرف ما. شريطة أن تسمح للمعنيين بالإجراء بالحضور.
  • إذا أقرت اللجنة بسرية الجلسات يمكن لها أن تأمر بأن أي معلومة تخص الإجراءات المسبقة داخل الجلسة السرية لا تخرج للعموم بأي شكل من الأشكال.
  • أن تمنع أي شخص من أن يفصح عن أي معلومة تكشف عن هوية أي شاهد في الجلسة.
  • أن تأمر بحماية هوية الشهود في كل ما يهم السجل الإجرائي.

أما بالنسبة لحماية الشهود تنص الفقرة 35 من الفصل 6 على أنه:

  1. بالتشاور مع لجنة الحقيقة والمصالحة، يضع وزير العدل برنامجا خاصا بحماية الشهود بكل الوسائل الضرورية.
  • إن التراتيب المتعلقة ببرنامج حماية الشهود لابد أن تنص على تعيين شخص من القطاع الخاص أو على إلحاق موظف عمومي ليكون حامي الشهود.
  • كما لابد أن تعرض هذه التراتيب الخاصة برنامج حماية الشهود على البرلمان للمصادقة عليها.
  • وفي انتظار وضع برنامج خاص لحماية الشهود يمكن لرئيس الجمهورية بالتشاور مع وزير العدل ومع لجنة الحقيقة والمصالحة، الإذن باتخاذ تدابير مؤقتة تهدف إلى حماية الشهود، وتُعْرَضُ هذه التدابيرُ على البرلمان للمُصادقة عليها.

الفقرة الثانية: الإطار القانوني لجلسات الاستماع في التجربة السيراليونية:

أولا: جلسات الاستماع العمومية:

عقد اللجنة جلسات الاستماع العمومية للضحايا والجناة والشهود، فوضعت عدة اعلانات وتوجيهات لمن يرغب في الظهور في جلسة استماع عامة لمشاركة خبراته علنًا في حالة دعوته[7].

ثانيا: إجراءات جلسات الاستماع الخاصة:

أدركت اللجة أن العديد من الضحايا والشهود لا يرغبون عند الإدلاء ببيانات أو الإدلاء بشهادتهم أمام العامة. وتتمتع اللجنة بالسلطة من حيث القانون لتنفيذ إجراءات خاصة لحماية الضحايا والشهود وخاصة النساء والأطفال. وبهذا، عملت اللجنة بوضع إجراءات خاصة لمعالجة احتياجات من عانوا من الاعتداء الجنسي. وهذه الإجراءات الخاصة أخذت بعين الاعتبار احتياجات الأطفال في قول الحقيقة Telling the Truth، فيما تعرضوا له من انتهاكات الذي يعد أمر مهم بالنسبة للجنة، لتحقيق أهدافها المتمثلة في المصالحة الحقيقية.

واعتبرت أنه من قدم معلومات عمدا أو مضللة أو خاطئة إلى اللجنة، فسيكون عرضة للمحاكمة أمام المحكمة العليا لسيراليون، بتهمة انتهاك حرمة المحكمة، ويمكن معاقبته بغرامة أو بالسجن. وبه تضع اللجنة التزام أخلاقي يوقع عليه مقدم الإفادة ومدى اطلاعه على الشروط الموضُوع مُسبقا[8].

ولجلسات الاستماع العمومية أهداف أساسية منها تلبية احتياجات الضحايا، وتتمكن من خلاله اللجنة من جمع المعلومات حول خبرات وأقوال جميع الأفراد أثناء النزاع بهدف تعزيز الوئام أو الانسجام الاجتماعي Social Harmony وتحقيق المصالحة، وذلك من خلال الأهداف التالية[9] :

  1. تزويد الشهود بفرصة لسرد قصصهم، إما علانية أو خاصة، والمُساعدة في التخفيف من حُزنهم أو إدراك شُعُورهم بالنَّدم من خلال تزويدهم بمنصَّة تحقق من خبرتهم وتقدم إقرارًا رسميّاً بالأخطاء التي ارتكبت ضدَّهم أو بسببهم؛
  2. إتاحة الفرصة أمام الدولة للمُشاركة في حوار أمام الأخطاء التي حدثت لأجل تغيير ما يجب تغييره؛
  3. توفير المعلومات التي قد تعزز المساءلة في المستقبل؛
  4. تثقيف الجمهور حول أنماط الإساءات والانتهاكات، والبيئة الاجتماعية التي وقعت فيها الانتهاكات والتجاوزات، والتواطؤ المؤسساتي، وأفعال مختلف الجهات الفاعلة، المحلية والدولية.
  5. إشراك المجتمع المدني وتعبئته في مسيرة المصالحة من خلال تجسيد عملية منفتحة وقائمة على المشاركة التشاركية باعتبارها روحاً لحل النزاعات وإرساء الديمقراطية؛
  6. تقديم توصيات نحو رسم خريطة طريق للتنمية والسلام المستدام في سيراليون؛
  7. لتعزيز قدرات المجتمع والشفاء الفردي للضحايا والشهود والجناة وإعادة تأهيل الضحايا من خلال الإقرار العام بمعاناتهم (وفي حالة إجراءات التصالح المجتمعي، إعادة إدماج الأفراد في مجتمعاتهم).
  8. توفير التثقيف والمعرفة العامة في مجال حقوق الإنسان، وكذا انتهاكات حقوق الإنسان.
  9. تعزيز المصالحة من خلال قول الحقيقة.

ثالثا: المبادئ التي تحكم جلسات الاستماع:

  1. احترام التنوع: Respect for diversity: تحترم اللجنة حقوق المشاركين في رواية الوقائع أو الأحداث في جو من الاحترام لهويتهم وبدون تمييز على أساس الجنس، أو على أساسٍ سياسي أو ديني أو ثقافي .ويكُونُ للمُشاركين الحقُّ في التعبير عن أنفُسهم بلُغتهم الخاصَّة، والتي تتوفَّرُ بها خدماتُ الترجمة الفوريَّة.
  2. لا تسلسُل هرمي: No hierarchy الحالات التي تختارها اللجنة لجلسات الاستماع سوف توضح مجموع الإساءات والانتهاكات التي ترتكب بهدف تحقيق الكرامة للضحيَّة، وإنشاء سجلٍّ تاريخيٍّ مُحايِّدٍ.
  3. الاستدامة العاطفية والاجتماعية: Emotional and social sustainability

يحِقُّ للمُشاركين أن يكُونُوا مصحُوبين بأُسرهم المُباشرة، بالإضافة إلى أفراد المُجتمع المحلِّي.ِّ ستتمُّ حمايتُهُم من المُضايقات وانعدام الاحترام الذي من المُرجَّح أن يزيد من التأثير العاطفي لإعطاء شهاداتهم العامَّة.

  1. احترامُ جميع الشهود: Respect for all witnesses. جميع الأشخاص الذين يظهرون في الجلسات هم شهود للجنة ولذلك يستحقون الاحترام. ولن يُحرم أي شخص من إمكانيَّة تقديم سرده للأحداث في إطار عمليات اللجنة، سواءٌ من خلال أخذ البيانات والتحقيقات أو الشهادة في جلسات الاستماع.
  2. سيتمُّ تشجيعُ المُشاركة الطوعية لجميع الشهود في جميع الأوقات، و استخدام أمر الاستدعاء لحُضُور جلسة الاستماع هُو الحلُّ الأخيرُ في الحالات المُناسبة.
  3. إنَّ أمن الشُّهُود الذين يظهرُون في جلسات الاستماع أمرٌ مُهمٌّ بالنسبة للجنة. ويجُوزُ للجنة، في مصلحة الشاهد، أن ترفض دعوة الشاهد إلى جلسة استماع علنية، أو أن تأخذ شهادة الشاهد على انفراد[10].

رابعا: أنواع  جلسات الاستماع:

تنظم اللجنة أربعة أنواع من الجلسات:

  1. جلساتُ استماع الشُّهُود الفرديَّة:  Individual Witness Hearings   

يُطلبُ من الأفراد بيانُ ما إذا كانُوا على استعدادٍ للحُضُور والإدلاء بشهادتهم في جلسات الاستماع.

  1. الجلساتُ الموضُوعاتيَّة : Thematic hearings

جلساتٌ موضُوعاتيَّة في شأن تحليلٍ لأنماط الانتهاكات الجسيمة لحُقُوق الإنسان في الماضي على نطاقٍ واسعٍ.

  1. جلساتُ استماعٍ خاصَّةٍ بالحدث: Event-specific hearings

تخصيصُ جلسات الاستماع تتعلق بنوع من الأحداث والوقائع التي ستأدي دوراً محفزاً بشكل خاص في تاريخ انتهاكات حقوق الإنسان في سيراليون.

  1. جلساتٌ مُؤسَّساتيَّة: Institutional Hearings

تود اللجنة أن تنظر فيما إذا كانت هناك مؤسسات المجتمع المدني أو هياكل الدولة المحددة التي تستدعي تمحيصاً خاصاً لدورها في إلحاق الأذى أو إضفاء الشرعية عليه أو تجاهله. هل كانت هناك قطاعات من المجتمع استفادت من بنية الفساد؟، هل كانت هناك مؤسسات أخرى تم استهدافها بشكل غير عادل؟، وبالتالي، فإن جلسات الاستماع المؤسساتية، ستوفر للجنة فرصة لمعالجة المجالات التي قد تكون هناك حاجة إلى إصلاح مؤسساتي أوسع وتغيير في السياسات.

خامسا: إجراءات الاستماع المسبقة[11].

  • اختيار الشهود Selection of Witnesses

– الشهود على الشهادة في جلسات علنية أو مغلقة هم أولئك الذين قدموا بيانات إلى اللجنة.
– بالنسبة للجلسات الموضوعية أو المؤسسية أو الخاصة بالحدث، يجوز للجنة دعوة أي شاهد للإدلاء بشهادته(سواء أدلى الشاهد ببيان أم لا)، إذا رأت اللجنة أن مصالح تقصي الحقائق وولاية اللجنة ستكون أفضل خدمة من خلال تلقي شهادة من الشاهد.

  • معايير اختيار حالات الجلسات:
  • حالات تمثيلية Representative cases
  • أنواع مختلفة من الدوائر الانتخابية: التنوع فيما يتعلق بمجموعة كاملة من العوامل، بما في ذلك المنطقة، المجموعة العرقية، الانتماء السياسي، الجنس، الوضع الاجتماعي، الطبقة، العمر، العسكرية / المدنية… إلخ.
  • أنواع مختلفة من الانتهاكات: مجموعة الانتهاكات التي وقعت في تاريخ سيراليون. تقديم صورة كاملة لنوع القمع الذي يعاني منه الضحايا من أجل الإبلاغ عن مناطق الإصلاح المؤسسي/ إعادة التدريب والاندماج؛ لأجل التصدي للانتهاكات التي توضح البيئة الاجتماعية والسياسية الأوسع التي مكنت انتهاكات حقوق الإنسان.
  • أماكن مختلفة: لتحقيق أقصى قدر من التوعية الوطنية، تعقد جلسات استماع في كل منطقةٍ، وفي مجمُوعةٍ من البيئات: المدارس، وقاعات الاجتماعات في المؤسسات الدينية، والمراكز المجتمعية، والقاعات… الخ.
  • إعداد الشهود قبل جلسات الاستماع:
  • يقدم للشهود الذين يدلون بشهادتهم إخطار مسبق بشأن العملية وتواريخ إعادة تأكيد اهتمامهم بالمشاركة في جلسات الاستماع.
  • تُعقدُ مُقابلة ما قبل الاستماع مع أحد موظفي اللجنة لمساعدة الشاهد على إعداد عروض تقديمية فعالة حول الحقائق والمعنى الذي يراد من تلك الحقائق، وفي تلك الإحاطات، سيحصل الشهود على معلومات عن إجراءات جلسات الاستماع وموقف الشاهد أثناء الجلسة. كما سيتم إخبارُهُم بما قد يتوقعونه من المشاركة في جلسات الاستماع من التغطية الإعلامية، كما ستناقش إجراءات دعم الجلسات والدعم، مثل العواقب، إن وجدت، للمرتكبين الذين تحددهم والجدول الزمني المتوقع للهيئة لكتابة التقارير.[12]
    • حماية الشهود.

توفر اللجنة طرق حماية الشهود، إذا تقرر أن الشاهد معرض للخطر بسبب الشهادة العامة. إذا كانت المخاطر المحتملة أكبر من خدمات حماية الشهود التي يمكن للجنة تقديمها، فإن اللجنة ستثني الشاهد عن الشهادة.

  • إجراءات الاستماع Hearing Procedures
  • الترحيب؛
  • وضعية الشهود Status of Witnesses
  • القسم Oath
  • يجبُ أن تكون جميع الشهادات تحت القسم. يقوم رئيس المفوض بإدارة القسم للشاهد باللغة التي يفهمها.
  • جميعُ الأعضاء من غير موظفي اللجنة، مثل المترجمين الفوريين، الذين سيُعيِّنُهُم مُؤقتاً من قبل اللجنة خلال جلسات الاستماع، سيؤدون القسم قبل أن يبدأوا في تقديم الخدمة في مكان انعقاد الجلسة.
  • فواصل :Breaks
  • تأمر اللجنة باستراحة خلال جلسات الاستماع عندما ترى أنها ضرورية للقيام بذلك، بما في ذلك الظروف التي يجد فيها الشاهد صعوبة في الاستمرار في الإدلاء بالشهادة؛ قد يكون متعب أو يحتاج إلى تكوين نفسه، أو لتناول طعام الغداء، إلخ. كما يحق للشهود طلب فترات راحة.
  • لكن لن يتم تأجيل الجلسة على أساس أن الشاهد في حالة عاطفية، ما لم يطلب الشاهد التأجيل.
  • أوامر Orders:

يجوز للجنة أن تصدر مجموعة من الأوامر التي تراها مناسبة خلال مداولات الجلسة. وقد تشمل هذه الأوامر طلب حضور أي شخص سبق ذكره أثناء سير الدعوى، وأمر أحد الشهود أو ممثله القانوني بإصدار أي مستند أو شخص في موعد ومكان استماع متفق عليهما .ويجوز لها أيضًا إصدار مذكرات استدعاء لأي مستندات أو أشخاص لحضور جلسة لاحقة لجلسات الاستماع.  سوف يكون الأمر كتابيًا ويقرأه رئيس الجلسة. ومع ذلك، سيتم استكشاف كل فرصة لشاهد أو شخص للمشاركة طواعية في الجلسات.

  • الوثائق:

قد يتم تقديم مستندات وأدلة ثانوية أخرى في جلسة استماع. سيتم تسجيل هذه الوثائق أو تلك التفاصيل للتمكن من تحديدها في المستقبل.

  • مشاركة المستشار Participation of Counsel:

عندما يكون الشاهد مصحوبًا بممثل قانوني، يُسمح للمحامي بطرح أسئلة على الشاهد بعد انتهاء اللجنة من استجواب الشاهد. المحامي هو ممثل قانوني للشاهد وليس للجنة. ومن ثم فإن اختصاص الشاهد أولاً يقع على عاتق اللجنة.

  • تسمية الأسماء Naming Names:

يجوز للشهود في أية إجراءات أن يذكروا أسماء الأشخاص أو المؤسسات المزعوم مسؤوليتها أو التي شاركت في انتهاك حقوقهم أو حقوق شخص آخر. عندما تكون هذه المعلومات متاحة للجنة قبل الإجراءات، فإن اللجنة سوف تعمل إلى أقصى حد ممكن لإخطار الجاني المزعوم وترتيبها معه تواريخ لإعطاء جانبهم الخاص من القصة، ستعلن اللجنة (إذا كان عنوان الجاني معرُوفاً) أنَّهُ سيتمُّ الاتِّصالُ بالمُرتكب، وسيبذلُ مُوظفُو اللجنة جميع الجُهُود للاتصال بالشَّخص.

  • المواجهة بين الشهود: :Confrontation Between Witnesses
  • يحق لأي شخص ذكره أحد الشهود، كما زُعم أنه مسؤول عن إساءة أو انتهاك حقوق الشاهد أو حقوق شخص آخر، أن يقوم في نفس الدعوى أو الدعوى اللاحقة بتحليل الوقائع والاستفسار عنها، كما أخبره الشاهد. غير أنه لا يجوز للجنة أن تسمح بمُواجهة الشهود بأنفسهم أو استجوابه، ولا يسمح للممثل القانوني لأحد الشهود باستجواب شاهد آخر حتى لو وافق عليه الشاهد.
  • وعندما يقوم كلا الطرفين بإخبار قصصهم، ويكون الطرفان على استعداد لمواصلة المصالحة، يعقد الموظفون المعنيون داخل اللجنة مناقشات منفصلة مع الأطراف وفي الوقت المناسب يجمعهم في تعزيز رغبتهم المشتركة في المصالحة.

يجبُ على اللجنة في جميع الأوقات تشجيع وتسهيل إشراك المُنظمات غير الحكومية وجمعيات المجتمع المدني والزعماء وغيرهم من المؤسسات والجماعات في ترتيب أو تسهيل المصالحة بين الناس والمجتمعات أو الجماعات في الصراع.[13]

  • الضوضاء، الاضطراب، التصفيق إلخ:
    تلزم اللجنة جميع المشاركين احترام الإجراءات. قد يطلب المفوض الرئيسي من أي شخص يخالف هذا الشرط مغادرة القاعة.
  • الخلاصة:
  • في نهاية أسبوع الجلسات في إحدى المقاطعات أو الأماكن الأخرى، يقوم المفوض برئاسة الجلسة، بعد تقديم ملخص دقيق للشهادة التي تم توجيهها وإبلاغ الجمهور بما ستقوم به اللجنة من خلال المعلومات التي تم جمعها.
  • ستشجع المفوضية (وعند الضرورة، المشاركة في المناقشات داخل المجتمعات حول إقامة النصب التذكارية والنصب التذكارية Monuments لضحايا النزاع في المجتمع المحلي و / أو المنطقة.
    • نهاية الجلسات Closed Hearings :

تنظم اللجنة جلسات مُغلقة، وتتبنى ما تراه مناسباً من تدابير تمكنها من الاستجابة للجانبين المهمين من ولايتها، اللذين يتطلبان إليها “التقاط خبرات النساء والأطفال، وحيث تملي مصالح الشاهد ذلك.

تشمل التدابير الخاصة للجلسات ما يلي:

  • قد يقدم الشهود شهادة في غرفة مغلقة مع بث أصواتهم فقط في قاعات الاستماع العامة.
  • يمكن إحاطة الشاهد بإخراج جميع المعرفات من شهادته (الاسم، العنوان، الموقع، المخالفة)، أو يمكن وضع شاشة واقية بين الشاهد والجمهور مع باب منفصل للدخول والخروج.
  • يجوز تسجيل الشهادة في مناسبة سابقة ثم عرضها أثناء جلسة الاستماع العلنية، ويمكن تصوير الفيديو بطريقة لا تكشف عن هوية الشاهد[14].

تصميم جلسة الاستماع المغلقة للاستجابة للحساسيات الثقافية للمجتمع والمصالح الفضلى للشاهد.

تشمل الحالات التي يمكن فيها ذكر جلسة مغلقة ما يلي:

  • أين وقع الانتهاك ذا طبيعة جنسية؛
  • إذا كانت عودة الشاهد إلى المجتمع بعد الشهادة ستتعرض للخطر؛
  • . عندما يكون هناك تهديد لأمن الشاهد؛
  • أين كان الشاهد حينما كان طفلا في وقت الشهادة؛
  • تعرض الشهادة للخطر على الشاهد إعادة الاندماج / إعادة الاستيعاب في المجتمع.

إذا كانت الشهادة تتعلق بانتهاك جنسي، فيجب اتباع الإجراء التالي:

  • تتم مقابلة الشاهد من قبل مفوضات فقط. يُعفى جميع المندوبين الذكور وغيرهم من الموظفين الذكور من جلسة الاستماع.
  • في حالة عدم وجود مفوض نسائي، ينبغي إبلاغ الشاهد بهذه الحقيقة، ويتم إخطار الشاهد بحقها في الإدلاء بالشهادة في مكان وزمان آخر تكون فيه مفوضات نسائية حاضرة.
  • يحتفظ الشاهد بالحق في التنازل عن شرط البند (أ) أعلاه، ويعطي شهادته بحضور مفوضين و/ أو موظفين من الذكور.
  • اجراءات عملية للجلسات المغلقة:
  • توقف اللجنة أي معلومات من جلسة مغلقة تكون معروفة للجمهور؛
  • تضمن اللجنة عدم الكشف عن هوية الشاهد؛
  • تكفل اللجنة الاحتفاظ بسجل الإجراءات بطريقة لأجل أن تحافظ على حماية الشاهد؛
  • تعقد الجلسة المُغلقة في غرفة / مكان مناسب يختلف عن مكان انعقاد جلسات الاستماع العامة؛
  • يجب على اللجنة أن ترتب للحضور الخاصين مثل المستشارين، والعاملين في مجال الرعاية النفسية الاجتماعية أو رعاية الطفولة أن يجلس مع الشاهد أثناء الإدلاء بالشهادة.

الفقرة الثالثة: الإطار القانوني لجلسات الاستماع في التجربة المغربية:

ونظرا لأهمية جلسات الاستماع في تجارب لجان الحقيقة، عملت التجربة المغربية على تنظيم جلسات الاستماع العمومية لضحايا الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، رغم أنه لم يتم التنصيص عليها صراحة في نظامها الأساسي كسائر التجارب المقارنة، مما فسرت أحد فقرات النظام الأساسي التي تضمن العبارات التالية: “تنمية وإثراء سلوك الحوار وإرساء مقومات المصالحة…”،[15] وبهذا، حاول أعضاء الهيأة ابتكار أنسب الأشكال وأكثرها فعالية لجلسات الاستماع العمومية، استنادا إلى السياق المغربي نفسه، وإلى الخبرات السابقة على مستوى العالم كله”[16].

غير أن الهيأة عملت على إعداد فريق طبي لمواكبة سلوكيات الضحايا قبل وبعد الجلسات، وإعداد بعد الالتزامات وقواعد العمل للشاهد وللضيوف الذي وضع له اسم ميثاق الشرف، لتنظيم جلسات الاستماع العمومية، ومن بين ما ورد فيه، ما يلي[17]:

  • إن الضحية شخص مركزي في عملية الاستماع، مما يتعين معه اتخاذ جميع التدابير والاحتياطات اللازمة حتى لا تنعكس الجلسة العمومية بشكل سلبي عليه، أو تترتب عن ذلك ما قد تمس بسلامته البدنية أو المعنوية؛
  • إن عددا من الضحايا يكونون متقدمين في السن أو مصابين بأمراض مزمنة كالسكر أو اضطرابات في القلب؛
  • إن بعض الضحايا يكونون في حالات تجعلهم أكثر عرضة من غيرهم للتأثر والانفعال، وهذا ما يعرضهم إلى حالات من التوتر؛

ولهذا يجب الإعداد لهذه العملية بكل دقة وعناية على ثلاثة مراحل[18]:

  • المرحلة قبل الاستماع:
  • يجب الجلوس مع صاحب أو أصحاب الشهادة للتحدث إليهم والتعرف على حالتهم النفسية؛
  • يجب إجراء فحص طبي سريري مع صورة لنشاط القلب والتحليل على السكري.
  • أثناء الجلسات:
  • وضع فريق طبي يتابع تصرفات الضحايا ويكون مستعدا للتدخل عند الاقتضاء.
  • بعد الجلسات:
  • إعـداد المتابعة النفسانية والدعم الضروري.

وترتيبا على هذا وضعت الهيأة عدة قواعد تنظيمية لسير الجلسات العمومية[19] لأجل توطيد الوعي بضرُورة العمل على عدم تكرار انتهاكات الماضي، وكون الهيأة تضعُ مصالح الضحايا في مقام الأولوية لكونهم يتبوؤُون مركز الاهتمام والعناية في البرامج الخاصة بجلسات الاستماع العمومية التي تعرض التزام الصمت والهدوء لإنجاح هذه التجربة من خلال القواعد التالية:

  • الامتناع عن التصفيق والالتزام الكامل بالهدوء والسكينة؛
  • الامتناع عن أخذ صور للشهود خلال انعقاد الجلسة؛
  • الامتناع عن الحديث للشهود أو توجيه أي سؤال لهم داخل فضاء جلسات الاستماع؛
  • أقفال الهاتف النقال؛
  • عدم مغادرة المقاعد قبل انتهاء الجلسة؛
  • عدم تغطية الجلسات لكل المناطق، (تراجعت الهيأة لأسباب غير معلنة عن تنظيم جلسة الاستماع الخاصة بمدينة العيون).

مورست الرقابة البعدية على بعض الشهادات قبل أن تمر في الإعلام المرئي والمسموع، ما حدث بالنسبة لبعض الشهادات المقدمة لجلسة فكيك[20].

الفقرة الرابعة: الاطار القانوني لجلسات الاستماع في التجربة التونسية:

أولا: جلسات عمومية في التجربة التونسية: هندسة قانونية كاملة:

يعتبر الإطار التنظيمي والقانوني للتجربة التونسية ضمن أحسن تجارب لجان الحقيقة إلى حد الآن، من حيث التأطير القانوني، فقد نص قانون العدالة الانتقالية[21]،  ضمن الفصل 39 على أن تتولى الهيأة مهام “عقد جلسات استماع سرية أو علنية لضحايا الانتهاكات ولأيِّ غرضٍ مُتعلق بأنشطتها“، ولأجل وضع حماية الشُّهُود والضَّحايا وكُلِّ من تعرض للانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، نص قانون العدالة الانتقالية في الفترة الخامسة(5): “اتخاذ كافة التدابير المُناسبة لحماية الشهُود والضحايا والخُبراء وكل الذين تتولى سماعهُم مهما كان مركزهم بخصوص الانتهاكات المشمولة بأحكام هذا القانون، وذلك بضمان الاحتياطات الأمنية، والحماية من التجريم، ومن الاعتداءات والحفاظ على السرية، وذلك بالتعاون مع المصالح والهياكل المُختصَّة“.

وتضمن الفصل 53 من قانون العدالة الانتقالية عن كيفية تنظيم وسير جلسات الاستماع ” تتكفل الهيئة بتحديد إجراءات تنظيم وسير جلسات الاستماع مع احترام خصوصيات الضحايا وخاصة النساء والأطفال والفئات ذات الاحتياجات الخاصة والفئات الهشة وكذلك المسؤولين عن الانتهاكات وضمان سلامتهم الجسدية والنفسية“.

تعقد بموجب هذه الفصول هيأة الحقيقة والكرامة، جلسات استماع سرية أو علنية لضحايا الانتهاكات ولأي غرض متعلق بأنشطتها، وتضبط إجراءات الاستماع السرية ضمن دليل إجراءات لجنة البحث والتقصي ودليل إجراءات التحكيم والمصالحة.

كما تضمَّن قرار مجلس هيأة الحقيقة والكرامة الذي يقر على المُصادقة على دليل إجراءات التحكيم والمُصالحة للجنة التحكيم والمُصالحة[22]، ضمن الفصل 20، على أنه: “يمكن لمجلس هيأة الحقيقة والكرامة بقرار من مجلسها أو بطلب من لجنة التحكيم والمصالحة عقد جلسات مفتوحة للعموم للاستماع إلى أحد أطراف النزاع التحكيمي طبقا لدليل إجراءات جلسات الاستماع العمومية“، أما الفصل 21 منه، يشير إلى التغيب عن جلسات الاستماع العمومية، “في صُورة تغيب المنسُوب إليه الانتهاكات عن إحدى جلسات الاستماع العمومية توجه إليه لجنة التحكيم والمُصالحة استدعاءً ثانياً، فإنْ لم يحضُر، تُقرِّرُ اللجنة- بعد سماع أقوال باقي أطراف الملف- تعليق إجراءات التحكيم والمُصالحة مع اتخاذ التدابير الوقتية والتحفظية التي تراها مُناسبةً ومُراسلة الجهات، القضائية المعنيَّة طبقاً للفصل 9 من هذا الدَّلِيلِ[23].

وفي ضوء وضع إجراءات عملية، اتخذ مجلس هيأة الحقيقة والكرامة قرار يتعلق بضبط دليل الإجراءات العامَّة لهيأة الحقيقة والكرامة[24]، تضمن جُملة من التدابير التأطيرية والتنظيمية لمُختلف جلسات الاستماع، وعلاقة الهيأة بمُختلف المؤسسات الاعلامية.

فقد نص الفصل 35 من نفس القرار أعلاه، على أنه: “يحقُّ لهيأة الحقيقة والكرامة القيام بالتسجيل السمعي والبصري لجلسات الاستماع وتوثيقها بهدف استعمال مضمُونها لحفظ الذاكرة الوطنية، ويشترط هذا التسجيل المُوافقة المكتوبة للضحيَّة دُون المنسُوب إليه الانتهاك”. كما أقرت الهيأة على علنية جلسات الاستماع للعُمُوم ومنع الحاضرين من أيِّ تسجيلٍ أو تصويرٍ (الفصل 36)، كما أكَّدت الهيأة طبقا للفصل 37، على أنَّهُ: “يُمكنُ لمجلس الهيأة أنْ يرخص مُسبقا لوسائل الاعلام القيام بالنقل المباشر لجلسات الاستماع العلنية أو تصويرها أو بث لقطات منها“. وتمنعُ الهيأة الاستماع إلى الأطفال في الجلسات العلنية سواء كانوا ضحايا أو شهود (الفصل 38).

وتعملُ الهيأة على تحديد بعض الشُّرُوط والمعايير في اختيار الحالات التي ستُعرضُ على جلسات الاستماع العلنيَّة (الفصل 41)، وإلى جانب هذا، يُمكنُ للهيأة أنْ تُمكِّن الضَّحايا من الاستعانة بطبيبٍ أو أخصائيٍّ نفسانيٍّ أو أيِّ شخصٍ آخر ترى فائدةً في حُضُوره.

أما بالنسبة لرفض المسؤولين عن الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، حضور جلسات الاستماع العمومية بناء من طالبي التحكيم والمصالحة، فإن الإجراءات تغلق ويحرر محضر الغرض، ويحال فورا إلى رئيس الهيأة الذي ينهيه إلى النيابة العمومية بهدف القيام بالتتبعات المنصوص عليها بأحكام الفصل 66 من القانون عدد 53 لسنة 2013 المؤرخ في ديسمبر 2013.

ثانيا: شروط ومعايير اختيار حالات الاستماع العلنية:

وضع مجلس هيأة الحقيقة والكرامة عدة شروط أساسية للولوج إلى جلسات الاستماع العلنية، وهي على النحو التالي:

  1. نوعية الضحية أو المنسوب إليه الانتهاك؛
  2. شرط السن (أي أن يكون القائم بجلسة الاستماع راشدا)؛
  3. القدرة على التحمل النفسي للعرض العمومي؛
  4. الموافقة الكتابية للضحية أو للشاهد؛
  5. الهدف الواضح من عرض الحالة لمعرفة كيفية اشتغال منظومة الاستبداد ولتسهيل تفكيكها؛
  6. تنوع التمثيلية (الصنف، الجهة، الجنس، الفترة التاريخية، العائلات السياسية والنقابية، الانتفاضات الشعبية، إلخ)؛
  7. الانتهاء من البحث والتقصي في الملف من قبل لجنة البحث والتقصي؛
  8. تنوع الانتهاك (تعذيب، عنف جنسي، الاختفاء القسري، القتل العمد، الحرمان من الحقوق السياسية والمدنية، حرمان من الحقوق الاقتصادية والاجتماعية إلخ)؛

وحددت اللجنة المختصة خطة عمل تتضمن شروط ومعايير تنظيم جلسات الاستماع العلنية.

ثالثا: جلسات الاستماع والنوع الاجتماعي.

اتخذ مجلس الهيأة مجموعة من الإجراءات التنظيمية والتدبيرية في شأن جلسات الاستماع المتعلقة بالنوع الاجتماعي من خلال ما يلي:

  1. جلسات الاستماع السرية:

فقد تضمن الفصل 9 من دليل إجراءات لجنة المرأة[25]، على أن تتابع لجنة المرأة وجوبا جلسات الاستماع السرية للضحايا، خاصة منها ما يتعلق بالنساء والأطفال وملفات الفئات الهشة وكبار السن وذوي الاحتياجات الخاصة، سواء كانوا ضحايا مباشرين أو بالتبعية.

تعنى لجنة المرأة بملفات الضحايا الأطفال الذي تعرضوا للانتهاك، وكان سنهم لا يتجاوز 18 سنة زمن الانتهاك، وتتمثلُ المُتابعة في:

  • إشعار اللجنة بكل الحالات العاجلة التي نص عليها الفصل لتمكينها من التدخل الفوري.
  • الاعلام المسبق للجنة المرأة بجميع حالات الضحايا من النساء اللواتي سيتم الاستماع إليهم وكذلك بملفات الرجال التي تتعلق بشهادات حول نساء وكذلك بملفات الفئات الهشة وكبار السن والأطفال وذوي الاحتياجات الخاصة سواء كانوا ضحايا مباشرين أو بالتبعية.
  • تمكين الضحية من حرية اختيار جنس من سيستمع إليها إن كان رجلا أو إمرأة.

وينص الفصل 15 على أن تشارك لجنة المرأة في تكوين فريق متخصص في الاستماع لضحايا الانتهاكات الجنسية.

  1. جلسات الاستماع العلنية:

ينص الفصل 17 من الدليل على أن تهدف جلسات الاستماع العلنية الموضوعاتية الخاصة بالنساء من الضحايا أو القائمات بالانتهاك إلى الكشف على الانتهاكات التي تعرضت لها أو قام بها نساء في أهم حقبات الانتهاكات بالبلاد التونسية من حيث الجسامة وكيفية منهجتها، كما يهدف إلى تحديد مسؤولية الدولة من خلال الأساليب المتبعة، ومدى تفعيل السياسات والقوانين التي أقرتها الدولة من 1 يوليوز 1955 إلى غاية 31 ديسمبر 2013 فيما يهم احترام حقوق المرأة والحد من العنف الموجه ضدها وحقوق الإنسان بصفة عامة، خاصة فيما يهم موضوع المواثيق الدولية التي صادق عليها تونس.

وكما ينص الفصل 18 على أن تشارك لجنة المرأة في الإعداد للجلسات العلنية الموضوعاتية، بالتنسيق مع باقي اللجان، من خلال:

  • إحاطتها علما بملفات النساء والأطفال والفئات الهشة وكبار السن وذوي الاحتياجات الخاصة الواردة على الهيأة؛
  • اقتراحها المواضيع والمواصفات المناسبة للمرشحين لجلسة الاستماع العلنية؛
  • المشاركة بدراسة الملفات ومقابلة الضحايا والتقييم المباشر لهم قبل الجلسة العلنية؛
  • التقييم اللاحق لجلسة الاستماع العلنية على مستوى الهيأة ثم من خلال التواصل مع الجمعيات النسائية وجمعيات الضحايا.

الفرع الثاني: تجارب لجان الحقيقة الأفريقية في ضوء جلسات الاستماع:

اعتمدت تجارب لجان الحقيقة والمصالحة في كل من جنوب أفريقيا وسيراليون جلسات الاستماع بأنواعها وفق مرجعيتها القانونية والتنظيمية والتوجيهية، جسدت من خلالها مرحلة مهمة من تاريخ الانتهاكات الخطيرة لحقوق الإنسان والتمييز العنصري والإساءة الاجتماعية والتعذيب وغيرها في جنوب أفريقيا، والجرائم الاقتصادية والحروب الأهلية في سيراليون وغيرها من المعاملات السيئة والقاسية..إلخ. وبهذا، لعبت جلسات الاستماع في هذه التجارب دورا مهما كان منها إقرار المصالحة الاجتماعية بين الدولة ومؤسساتها والمجتمع بمختلف مكوناته لأجل بناء السلام والاستقرار الاجتماعي.

الفقرة الأولى: جلسات العمومية في تجربة جنوب أفريقيا.

ركزت اللجنة على جلسات الاستماع الخاصة بالانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان التي تعرضت لها النساء والأطفال، فيما ركزت جلسات أخرى التي تناولت دور المجتمعات الدينية والمؤسسات الصحية، والقطاعات الأخرى، و رجال الأعمال وغيرها من المؤسسات التي ساهمت بفعالية أو بسلبية في انتهاك الحقوق. وقد تم عقد جلسات الاستماع في كافة أنحاء البلاد، وقامت وسائل الإعلام ببث مقاطع منها وتوفير تغطية حية لتلك الجلسات. وعملت جميع وسائل الإعلام بتغطية واسعة للجنة الحقيقة والمصالحة طيلة عمل تلك اللجنة[26].

فقد اعتمدت اللجنة من خلال جلسات الاستماع حسب الوقائع التي ترتبت عنها الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، فاعتمدت اللجنة في جلساتها المطولة عن شهادات الضحايا والمؤسسات والأحزاب السياسية ومختلف الفرقاء داخل المجتمع، بما فيهم الفئات الضعيفة،… وغيرها. فقد بلغ عدد جلسات الاستماع بجنوب أفريقيا 83 جلسة موزعة في كل مدنها مابين أبريل 1996 و يونيو 1997.  شهدَ ما يقرب من 2000 ضحية، ووصلت شهاداتهم إلى آلافٍ من خلال بث خاص على القنوات التلفزيونية والإذاعية الرئيسية في البلد التي تُغطي جميع سكان جنوب أفريقيا تقريباً[27].

وكما عملت لجنة الحقيقة والمصالحة في اختيار بعض الشهادات لصفتها التمثيلية ولوقائعها الشهيرة التي تتجسد فيما يلي:

  • انتفاضة الطلبة في “سويتو” سنة 1976؛
  • حرب الأيام الستة في ألكسندرا سنة 1986؛
  • مقتل الفلاحين في ترانسفال؛
  • كمين”حصان طراودة” سنة 1965 في الكاب الغربي؛
  • “بوكيلوتوسيفن” سنة 1986؛
  • مذبحة “بيشو” سنة 1992[28].

الشكل رقم 1: جلسات الاستماع حسب الوقائع.

نظمت اللجنة عدة جلسات نسائية، لتشجيعهم عن تقديم شهاداتهن عن التعذيب والاغتصاب، وجل أشكال التمييز في السجون، وعن ألمهن النفسي وخصوصا عند فقدان المرأة أحد أفراد عائلتها، أو فقدان زوجها إثر قتله أو تعذيبه. كما هو الشأن بالنسبة إلى السيدة Seipati Mlangeni أرملة السيد Bheki Mlangeni، أرملة بعد شهرين من زواجها: وهي تقول: “أنا منبوذة في مجتمع بلدي[29].

غير أن التقرير يشير على أن النساء اللواتي قدمن الشهادات في المراحل الأولى من جلسات الاستماع التي نظمت في الكاب الشرقية، كانت تتعلق فقط بالنساء الأرامل كضحايا ثانويات وليس مباشرات، حيث لم تصبح قصصهم موضوع جلسات الاستماع في وقت لاحق من جلسات الاستماع[30].  المنظمة في جنوب أفريقيا.

فيما أكدت اللجنة على ضرورة استعادة “كرامة الإنسان والحقوق المدنية” للضحايا النساء. من خلال جلسات الاستماع التي نظمت في كل من “كيب تاون” و”دوربان” و”جوهانسبورغ“. وأضاف التقرير بشكل منفصل عن صمت معظم النساء عن الإساءات والاعتداءات الجنسية التي تعرضت لها النساء من لدن وكلاء الدولة.

أنواع جلسات الاستماع :
إن الشهادات التي أُدْلِي بها أمام لجنة الانتهاكات تنقسم إلى خمسة أنواع توزعت على خمس جلسات استماع[31]:

  1. جلسة الاستماع للضحايا: لقد سُمِح لبعض الضحايا بالشهادة العلنية أمام الملأ، واستمرت تلك الشهادات عادة من ثلاثة إلى خمسة أيام، وأدلى بها عدد يتراوح بين عشرين إلى ثلاثين ضحية، وتم اختيار الشهود بعناية على أساس الاعتبارات التالية: طبيعة الانتهاك بالنسبة للجماعة أو المنطقة، تنوع المجموعات التي عانت من الانتهاك، تمثيل الضحايا من حيث الجنس والعرق والسن والموقع الجغرافي.
  2. جلسة الاستماع الخاصة بالأحداث والوقائع: في هذه الجلسة ركزت اللجنة على أحداث تميزت بانتهاكات جسيمة، فتحدثت الشهادات عن الإطار الذي حصلت فيه، ولم تتم الشهادة فقط من قبل الضحايا بل كذلك من المهتمين والخبراء الذين لهم خبرة بالحدث أو بالوقائع. وتم اختيار هذه الشهادات لصفتها التمثيلية لنموذج من الانتهاكات متعلقة بوقائع شهيرة، منها: انتفاضة الطلبة في”سويتو” سنة 1976، وحرب الأيام الستة في ألكسندرا سنة 1986، ومقتل الفلاحين في ترانسفال، وكمين “حصان طروادة” سنة 1965 في الكاب الغربي، “بوكيلو توسيفن” سنة 1986، ومذبحة “بيشو” سنة 1992.
  3. جلسة الاستماع الخاصة بالفئات الهشة: اختصت هذه الجلسة بالاستماع إلى نوع محدد من الانتهاكات الموجهة ضد بعض الأفراد وبعض الفئات الضعيفة بهدف عدم تكرارها مُستقبلاً، وعُقِدت جلسات استماع حول الأطفال والشباب والنساء وحول الخدمة العسكرية الإجبارية.
  4. جلسة الاستماع الخاصة بالمؤسسات: في هذه الحالة تم الاستماع إلى مؤسسات وحرف ومهن ومنظمات لتحري الدور الذي لعبته في الانتهاكات أو مقاومتها أو تسهيلها. وبهذا الصدد استمعت اللجنة إلى القطاع الصحي، والمهن القانونية، ووسائل الإعلام، وعالم الأعمال، والسجون، والمجموعات الدينية. وعملت اللجنة على صياغة توصيات إلى الرئيس حول التدابير التشريعية والإدارية والمؤسساتية اللازمة للوقاية مستقبلاً من الانتهاكات التي استمعت إليها.
  5. جلسة الاستماع للأحزاب السياسية: منحت اللجنة فرصة للأحزاب للإدلاء برأيها حول أسباب نزاعات الماضي، واستمعت إلى ما عسى أن يكون تورطًا منها أو على الأقل تحملها للمسؤولية في الانتهاكات التي وقعت، وغالبًا ما تم الاستماع على مرحلتين:  في مرحلة أولىمُنحت الأحزاب إمكانية الشهادة مع طرح أسئلة عليها بهدف التوضيح، وفي مرحلة ثانية طرحت اللجنة أسئلة محددة على مختلف الأحزاب مبنية على دراسة مفصلة لشهادتها وعلى أدلة جُمعت من خلال التحقيق والبحث.

كانت تجربة جنوب إفريقيا أكثر شفافية من حيث تنوع المواضيع والفاعلين السياسيين والاجتماعيين، فقد ركزت أكثر على التواصل وقامت بتنظيم جلسات استماع عمومية أكثر عددًا وعمقًا وتلقائية، في حين لم تُنقل إلا جلستان على الهواء مباشرة في المغرب بينما سُجلت أخرى وتم اقتطاع أجزاء منها عند بثها في التلفزيون، الشيء الذي لم يُرضِ الضحايا، كما لم تقم الهيئة المغربية بجلسات استماع في منطقة الصحراء التي حصلت فيها انتهاكات فظيعة وكذا في منطقة الريف التي شعرت بدورها بالإقصاء والتمييز.[32]

الصورة رقم 1: جلسات الاستماع في جنوب أفريقيا

الفقرة الثانية: تجربة سيراليون: جلسات غير مكتملة.

افتتح رئيس سيراليون، أحمد تيجان كباح، رسميا جلسات الاستماع ، وقال إن اللجنة ستعمل بجهود كبيرة وجماعية لأجل توطيد السلام من خلال التئام الجراح والمصالحة الوطنية. وأكد على: “أهمية معرفة الناس بالظروف المتعلقة بالأحداث التي سببت لهم الكثير من المعاناة”. وقال “ان اهم انجازات اللجنة، التوفيق بين سكاننا وضمان عدم تعرض سيراليون مرة أخرى لانتهاكات كما هُو الشأنُ بالنِّسْبَةِ لسنوات الآفلة”[33].

تضمن جلسات الاستماع العمومية جلسات فردية[34] ومؤسساتية[35] تضمن اعترافات الضحايا لما تعرضوا له خلال الحروب الأهلية والصراع السياسي التي عرفتها البلاد خلال فترة زمنية من تاريخ سيراليون.

فقد عقدت جلسات الاستماع علنية في المناطق الإدارية الاثنتي عشر (12) من أبريل إلى غشت 2003، (بورت لوكو، بومبالي، تونكوليلي ومويامبا)، تضمنت السرد العلنـي لذكريات العنف، غير أن خوف غالبية الضحايا يشكل عدم نجاح تجربة جلسات الاستماع العمومية لكون الضحايا معرضين لمخاطر محتملة من المقاتلين والمتمردين السابقين.

فقد عملت اللجنة على اشراك الزعماء التقليدين و رجال الدين وقادة المجتمع المدني في جلسات معرفة الحقيقة والمصالحة (بما في ذلك طقوس الصفح التقليدية)، خصوصا في المناطق الريفية، ولم تشجع اللجنة على إجراء الطقوس المحلية التي تعلن المرتكبين لكنها، وبالتنسيق مع الزعماء المحلين، أنشأت نصبا تذكارية، خصوصا في مواقع المقابر الجماعية في المناطق، ودعمت طقوس المصالحة التقليدية مثل: صب السوائل المقدسة وطقوس التطهير[36].

فقد اعتبرت “روزاليند شو[37] أن غالبية المقاتلين السابقين يتحفظون من الولوج إلى اللجنة، فيما تم إبعاد اللجنة في بعض المناطق وحرمانهم من الشهادات وأخذ الأقوال والشهادات، نظرا “…لإشتباههم بأن المعلومات التي أدلوا بها للجنة ستجد سبيلا إلى المحكمة الخاصة. ونتيجة هذه المخاوف، أبعد المقاتلون السابقون في بعض المناطق أعضاء اللجنة الذين يأخذون الافادات، وفي جميع البلدات التي حضرت فيها جلسات المناطق الإدارية، اختبأ المقاتلون السابقون عند موعد عقد جلسات اللجنة. وكانت نسبة مشاركة المقاتلين السابقين منخفضة في جميع جلسات المناطق الإدارية التي حضرتها، وعجزت اللجنة في إحدى الجلسات ( في منطقة بورت لوكو) في الحصول على أية شهادة من أي مقاتل سابق”[38].

ففي أغلب الأحيان فشلت جلسات الاستماع نظرا لصعوبة الحصول على اعترافات صحيحة ومفصلة من المقاتلين السابقين، بشكل أساسي بسبب محدودية الوقت… فيما نفذت اللجنة طقوس مصالحة عامة في الحالات التي أقر فيها المرتكبون بخطئهم وطلبوا الصفح، وشجع الضحايا أيضا على قبول ذلك والعمل تدريجيا على الصفح والمصالحة..[39]. فإن الجلسات العمومية المنظمة من لدن الهيأة مورست من خلالها الرقابة البعدية على بعض الشهادات قبل أن تمر في الإعلام المرئي والمسموع، ما حدث بالنسبة لبعض الشهادات المقدمة لجلسة فكيك[40].

الصورة رقم 2: جلسات الاستماع في سيراليون

المطلب الثاني: تجارب عربية في ضوء جلسات الاستماع.

عرفت التجربة المغربية جلسات الاستماع العمومية متنوعة، كانت الأولى من نوعها في شمال أفريقيا قبل الربيع العربي، لأول مرة يقر نظام سياسي عربي بالاعتراف الرسمي للانتهاكات الجسيمة لحقوق  الإنسان اتجاه مواطنيها خلال فترة زمنية كانت تسمى بسنوات “الجمر والرصاص”، والتي سمح للضحايا بتقديم شهادتهم علانية بواسطة منبر اعلامي رسمي عمومي. وكما عملت التجربة التونسية التي تعد من أفضل تجارب العربية والإسلامية إلى حد الآن لما بعد الربيع العربي، بإقرارها للانتهاكات بعد سقوط نظام “زين العابدين بن علي[41]، اثر الثورة التونسية التي عملت من خلالها التجربة التونسية في مأسسة تجربة العدالة الانتقالية وإنشاء اطار قانوني ذات أهمية لجلسات الاستماع بأنواعها لا مثيل لها في تجارب العدالة الانتقالية الحديثة.

وذلك ما سنوضحه وفق مايلي:

  • التجربة المغربية في ضوء جلسات الاستماع العمومية (الفرع الأول).
  • التجربة التونسية على ضوء جلسات الاستماع العمومية (الفرع الثاني).

الفرع الأول:  التجربة المغربية في ضوء جلسات الاستماع العمومية:

الفقرة الأولى: جلسات رسمية من لدن هيأة الإنصاف والمصالحة

نظمت هيأة الإنصاف والمصالحة سبع (7) جلسات استماع عمومية في خمس (5) مناطق التي عرفت انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان على نطاق واسع ما بين 1956 إلى 1999 خصصت للاستماع إلى شهادات شفوية للضحايا لما كابدوه من المعاناة سواء تعلق الأمر بأفراد العائلة أو أحدهم أو ذويهم، لأجل استرجاع كرامة الضحايا الذين انتهكت حقوقهم وبرد الاعتبار المعنوي لهم، وحفظ الذاكرة الجماعية، ومقاسمة الآلام والمعاناة والتخفيف من المخلفات النفسية الناتجة جراء سنوات الجمر والرصاص.

و لعبت الجلسات العمومية، دورا تربويا وبيداغوجيا تجاه المسؤولين والرأي العام والمجتمع والأجيال الصاعدة، مشكلة بذلك أهمية كبيرة في مسار الإنصاف والمصالحة[42]. وقفزة نوعية في تاريخ الشفهي المغربي درء لتقديس الوثائق والمعلومات المكتوبة التي ساد العمل بها. بالإضافة إلى هذا، تميزت الجلسات العمومية بحضور مختلف أطراف والهيئات الحقوقية وغيرها من الأفراد المحليين والأجانب.

فقد سمح للضحايا لأول مرة بإسماع شهادتهم لمدة 20 دقيقة تقريبا من منبر عمومي رسمي وبشكل مباشر أمام الرأي العام[43]، وكرسالة بيداغوجية للتوعية بأشكال الانتهاكات والعنف الذي مارسته الدولة على الضحايا والتحسيس بضرورة تضافر الجهود للحيلولة دون تكرارها والتشبت بمبادئ حقوق الإنسان وآليات حمايتها، والطي المنصف لماضي الانتهاكات الذي قد تسطيع من خلاله الدولة الانتقال إلى الديموقراطية.

و أكد في هذا الصدد: “عبد الحي المودن” عضو هيأة الإنصاف والمصالحة على “…أن هدف الجلسات هي إتاحة المناسبة للضحية للتعبير عن معاناته، مما سيساهم في رد الاعتبار إليه خصوصا وأن هناك شبه إجماع لدى علماء النفس على أن جلسات الاستماع لحظات بوح ضرورية حيث الانتقال من مرحلة الصمت والمنع إلى التعبير الشفوي عن هذه المعاناة عامل حاسم في جبر الأضرار النفسية…”[44]. وهذا التأكيد يجد مبرراته لدى الضحايا الذين قدموا شهاداتهم في جلسات الاستماع بأنواعها، غير أن الضحايا الآخرين الذين لم يتم أنتقائهم فهم لازالوا يعيشون أضرار نفسية أكثر مما هي شفاء واعتبار .

فالضحايا التزموا وفق الميثاق الأخلاقي الذي ربطهم بالهيأة بكل جرأة وثقة للبوح بكل لغات لأجل وضع لتلك المعاناة التي كابدوها في الماضي”...تحدثوا بكل لغات الجراح واستعادوا صور الماضي وحكوا عن التفاصيل، وكانوا متكاملين رجالا ونساء ومن مختلف الأجيال في تقديم عناصر الملحمة، بألوانها التعددية من الريف إلى الأطلس……احترموا مقاربة الهيأة وبتلقائيتهم لم يذكروا أسماء جلاديهم، وألحوا جميعا على وضع حد للانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، وحماية الأجيال الصاعدة منها. وكان هاجس الهيأة من تفادي ذكر أسماء الجلادين هو عدم منحهم حق الرد عبر نفس الوسيلة الإعلامية، كما تنص على ذلك أخلاقيات الإعلام[45].

و نظمت جلسات الاستماع في الفترة الممتدة من 21 دجنبر 2004 إلى 3 ماي 2005 في المناطق التي كانت مسرحا لانتهاكات حقوق الإنسان، وخُصُوصاً في كُلٍّ من: فكيك، ومراكش، وخنيفرة، والراشيدية، والحسيمة، تضمَّنت شهاداتٍ من نساء ورجال عن نوع الانتهاكات التي تعرَّضُوا لها، وعن مراكز الاعتقال والظُّرُوف التي أدَّت بهم إلى الاعتقال. واستبعدت جلسة مدينة العيُون التي كانت من المُقرَّر تنظيمها، غير أنَّها ألغيت لدواعي أمنيَّةٍ، رغم أنَّ المنطقة تعرَّضت لانتهاكات حُقُوق الإنسان بشكلٍ واسعٍ.

فهذه الجلساتُ التي نظمت والتي تعتبر الأولى من نوعها في بلد عربيٍّ و إسلاميٍّ الذي خاض تجربة العدالة الانتقاليَّة، تعرَّضت إثرها المملكة المغربية رُدُود أفعالٍ مُتواصلةٍ من مختلف الدول ومنظمات دولية وشخصيات سياسية وازنة لتهنئة الملك محمد السادس لتجربة المغرب من خلال جلساتٍ عُمُوميَّةٍ، بالرغم من وُجُود تيَّارٍ داخليٍّ لا يُريدُ أنْ يُتمَّ انعقادها“.. فقال فؤاد عالي الهمة في نبرة تكاد تكون مُفاجئة: “لا يُمكنُكُم تصوُّرُ، أنه لغاية يوم الإثنين، عشيَّة عقد جلسات الاستماع العُمُوميَّة، حجم الضُّغُوط التي كانت على مُحيط الديوان الملكيِّ، حتى لا تنعقد جلساتُ الاستماع العُمُوميَّة. ويُمكنُ أنْ أجزم لكُم بأنَّ السيف القاطع كان جاهزاً للنُّزُول على الأعناق لو وقع أدنى خطأ يوم الثلاثاء“، في الإشارة إلى اليوم الأول لجلسة الاستماع العمومية” (…..) وأضاف فؤاد، لقد تلقى صاحب الجلالة منذ مساء الثلاثاء العديد من المكالمات ورسائل التهنئة من طرف رؤساء الدول وشخصيات دولية وازنة ومنظمات دولية ولايزال سيل الرسائل والتهاني مُتواصلاً. واللهُ وحدهُ يعلمُ من كان قادرا على رفع السُّيُوف في وجه الإرادة العُليا للدَّولة التي أكَّدها جلالة الملك محمد السَّادس أكثر من مرَّةٍ”[46].

و دعت مُنظمة العفو الدَّوليَّة، لأجل تصحيح هذا النقص: “..ينبغي على لجنة المتابعة ضمان أن يحصل ضحايا انتهاكات حقوق الإنسان في الصحراء الغربية على الفرص نفسها لرواية معاناتهم مثلهم مثل ضحايا أقاليم عدة في المغرب…[47].

وفيما اعتبر المنتدى المغربي من أجل الحقيقة والإنصاف على أن: “..يتقدم مسؤولين سابقين عن انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان بشهاداتهم أمام الرأي العام. وستكون الهيأة في هذه الحالة وعند الإقتضاء مطالبة بتدبير لمسألة حق الرد للذين وردت أسماؤهم على لسان المسؤولين، إلا أن هذه الإشكالية لا يجب أن تدفع هيأة الإنصاف والمصالحة باستبعاد شهادات المسؤولين”[48]. وبهذا، اكتفت التجربة المغربية بالاستماع للضحايا وإعفاء مرتكبي الجرائم من هذه المهمة، مما أعطى ضعفا للتجربة المغربية وارتباكا[49].

الشكل رقم 2: نسبة الشهادات المقدمة في جلسات الاستماع العمومية

المصدر: تقرير هيأة الإنصاف والمصالحة، ص: 48.

يلاحظ ارتفاع عدد الشهادات الرجال، إذ بلغ نسبتهم 73 في المائة و 27 في المائة بالنسبة للنساء. فنسبة النساء كما هو ملاحظ في تجارب لجان الحقيقة والمصالحة ضعيفة مقارنة بالرجال، وذلك يعود لسببين، السبب الأول أن أغلب شهادات النساء مرتبطة بأزواجهن أو أطفالهن. والثاني، تعود إلى الطبيعة الإجتماعية السائدة “الوصم الاجتماعي“. Social Stigma.

الشكل رقم 3: نوع الانتهاك الذي تعرض له الشهود أو ذويهم أطول مدة حسب ما أثير في الجلسات العمومية السبع.

المصدر: تقرير هيأة الإنصاف والمصالحة، ص: 49.

يلاحظ على أن نسبة الاعتقالات التعسفية التـي أثيرت في جلسات الاستماع مرتفعة مقارنة مع أنواع الانتهاكات الأخرى، حيث بلغت نسبته 76 في المائة، فيما بلغ عدد الحالات الاختفاء القسري 11 في المائة، ونسبة 6 في المائة بالنسبة لحالات الاغتراب الإضطراري، ونسبة 5 في المائة لحالات التي توفيت أثناء الإنتهاك، ونسبة 2 في المائة لحالات التي تعرضت لضرر جماعي.

الشكل رقم 4: مراكز الاحتجاز التي احتجز فيه الشهود، أو ذويهم أطول مدة من خلال شهادات الجلسات العمومية السبع

المصدر: تقرير هيأة الإنصاف والمصالحة، ص:50

يلاحظ من خلال المبيان، ارتفاع نسبة المعتقالات السرية، حيث بلغت في جلسات العمومية نسبة 70 في المائة، ونسبة 18 في المائة بالنسبة لمراكز الشرطة، ونسبة 7 في المائة بالنسبة لمراكز الدرك الملكي، ونسبة 5 في المائة للثكنات العسكرية. ويتضح من خلال ذلك لجوء سلطات الدولة إلى العنف المشروع[50] وإخفاء الضحايا في مراكز سرية، دون علم ذويهم وباقي الفاعلين المحلين والخارجين.

الشكل رقم 5: الأحداث التي ارتبط بها الانتهاك وأثيرت في الجلسات العمومية السبع

المصدر: تقرير هيأة الإنصاف والمصالحة، ص:50.

يلاحظ من خلال الشكل المبين، أهم الأحداث التي ارتبطت بالانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، حيث بلغ نسبة الانتهاكات التي تعرض لها المعارضة الاتحادية نسبة 47%، ونسبة 15% بالنسبة للحركات الاحتجاجية، و نسبة 13% بالنسبة لليسار الماركسي، ونسبة 12% بالنسية للنزاعات السياسية لما بعد الاستقلال، ونسبة 5 % لأحداث الريف، ونسبة 3% لكل من أحداث الصخيرات والحركات الاسلامية، ونسبة 2 % بالنسبة لنزاع الصحراء.

الصورة رقم 3 : لأحد جلسات الاستماع العمومية لهيأة الإنصاف والمصالحة

الفقرة الثانية: جلسات غير الرسمية و نقد جلسات الرسمية.

نظمت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان جلسات استماع خاصة، قدم إثرها بعض ضحايا الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان شهاداتهم، كمبادرة لمشروعات الحقيقة غير الرسمية التي نظمت في بعض التجارب الدولية الذي تعود إلى أسباب إنشائها، “هو الافتراض القائل بأنه لم يتم الاستماع إلى الضحايا على نحو كاف[51].  وعرض لجميع ضحايا الانتهاكات أو لم يتم تعميمها على باقي الأحداث أو يتم توجيه الضحايا وذويهم وفق التزامات توجيهية لايمكن ذكر المسؤولين عن الانتهاكات أي وضع شروط رسمية وتعجيزية.

فتم إنشاء مشروعات كـ: “دونكا مايس البرازيلي غير الحكومي”، و”لجنة غرينزبورو للحقيقة والمصالحة“، و “هيأة السلام والعدل (سيرباج) في أوروغواي“، و”مشروع استعادة الذاكرة التاريخية بغواتيمالا“، …فقد نظمت الجمعية بموازاة لجلسات الاستماع التي نظمتها هيأة الإنصاف والمصالحة، غير أن ما يميز هذه الجلسات كونها جريئة في كشف الحقيقة والسماح للضحايا، بالتعبير عن ما كابدوه دون توجيه أو الاشتراط على الضحايا لعدم إثارة المسؤولين عن الانتهاكات والالتزام بمدة زمنية معينة وبمضمون ميثاق الشرف بين الضحايا والهيأة.

فقد صرح “عبد الحميد أمين” رئيس الجمعية المغربية لحقوق الإنسان(سابقا)، أن الجمعية ستعمل على: “الكشف عن أسماء المسؤولين عن تلك الانتهاكات الماضية لعكس الحقيقة بكامل أبعادها[52]، ولن تعمل الجمعية على تحديد الضحايا ودعوتهم وتوجيههم وفق شروط معينة، “لن ترسل دعوات خاصة للحضور إلى هذه الجلسات على غرار ما قامت به الهيأة، ولكنها ستترك المجال مفتوحا للعموم، وستستدعي صحافيين لمتابعة أطوارها[53].

وانتقادا لعمل هيأة الإنصاف والمصالحة في شأن جلسات الاستماع العمومية الأولى والثانية، عمل المكتب المركزي للجمعية في تقييمهما وتحديد سلبياتها ونواقصها من خلال ما يلي[54]:

  • حرمان المشاركين في جلستي الاستماع العموميتين من حقهم في الكشف عن أسماء المسؤولين عن الانتهاكات الجسيمة التي تعرضوا لها، بل إن الشهادات لم تتعرض سوى بشكل هامشي للمسؤوليات المؤسساتية عن الانتهاكات الجسيمة. فأين الحقيقة في كل هذا؟.
  • مدة الشهادات (20 دقيقة) كانت قليلة بل و مجحفة بالنسبة لبعض المتدخلين الذين طالت و اشتدت معاناتهم من الانتهاكات الجسيمة، مما لوحظ معه بعض الارتباك وعدم تمكن البعض من الإدلاء بمعطيات مهمة متوفرة لديه.
  • توقيت البث التلفزيوني لم يكُن مُلائما، على اعتبار أن جل الناس ــ وخاصة الأجراء ــ يكونون خارج بيوتهم في ساعة انطلاق البث التلفزيوني للجلسات. إضافة لذلك لم يتم البث على مستوى القناة الثانية، ولم يتم إعادة البث في أوقات أخرى ملائمة. كما أنه لم تتم الدعاية الكافية المسبقة لجلستي الاستماع.
  • عدم إشراك جمعيتنا في التحضير لجلستي الاستماع الأولى و الثانية، بل وتهميش لائحة الجمعية عند اختيار الفوج الأول من المدعوين لعرض الشهادات، مما يعكس استمرار نزعة “هيأة الإنصاف والمصالحة” نحو تهميش الجمعية.

وترتيبا على هذا، فإن تنظيم جلسات الاستماع أو القيام بالتحريات والأبحاث في الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان من لدن مشروعات الحقيقة غير الرسمية أي من لدن الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، كسائر بعض التجارب الدولية، يشكل منعطفا وإبداعا  ديموقراطيا، وقد تكون سابقة من حيث التأسيس لإنشاء لجنة الحقيقة الرسمية التي تنشأها الدولة، أو بشكل موازي لإنشاء اللجنة الرسمية، التي قد تؤدي عملا متوازنا تنافسيا تأثيريا ما بينهم حول البحث عن الحقيقة، وتحقيق أهداف العدالة الانتقالية، كما يمكن للجمعية أن تتطرق لبعض الموضوعات التي تكون أكثر جرأة وفصاحة عن الهيأة كموضوع السماح للضحايا بإعلان أسماء الجلادين، وتحديد أسماء المسؤولين عن الانتهاكات، والإبلاغ عن شهادتهم بدون قيود أو حيز زمنـي محدد.

وعليه، نظمت الجمعية ثماني (8) حلقات، تضمنت شهادات دون قيود أبرز فيها الضحايا معاناتهم المُرتبطة بسنوات الرصاص والتعذيب الذي لحقهم إثر ذلك. فقد نظمت أربعة حلقات في كل من الرباط وخنيفرة والحسيمة ومراكش، ضمت نساء ورجال كانوا مُعتقلين أو مُختطفين، أو أفراد عائلات الضحايا المُرتبطة كذلك بالآلة القمعيَّة للنِّظام السِّياسيِّ[55].

فيما خُصِّصت الحلقة الخامسة لمُقاربة النوع الاجتماعي المُرتبط بمُعاناة النساء ضحايا التعذيب والمُعاملات اللاإنسانية[56]، أما الحلقة السادسة، فقد نُظِّمَتْ خارج الوطن في فرنسا للاستماع للمُواطنين المغاربة ضحايا النفي القسري خارج التراب الوطنـي[57]، وخُصِّصت الحلقة السَّابعة لشهادات المُحامين أثناء مُؤازرتهم المعتقلين أثناء الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان[58]. وبالإضافة إلى هذا، نُظِّمت المُحاكمة الرَّمزيَّة يوم: 2/ يوليو للمسؤولين عن الانتهاكات، للتأكيد على أن المساءلة القضائية وعدم الإفلات من العقاب ركن أساسي في مُعالجة ملف الانتهاكات الجسيمة[59].

الفرع الثاني: التجربة التونسية في ضوء جلسات الاستماع العمومية:

أعدت هيأة الحقيقة والكرامة ضمن إطارها التنظيمي والقانوني جلسات الاستماع بأنواعها بكل جرأة وفق مساطر قانونية وإجراءات عملية، ساهمت إلى حد كبير للاستماع لضحايا الانتهاكات في شتى أنواع الضرر الذي لحقهم خلال مدة تحقيق عمل الهيأة، فأعدت الهيأة مع الجهات الإعلامية ميثاقا لتغطية جلسات الاستماع العلنية بالاشتراك مع النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين ونقابة مديري وسائل الإعلام والجامعة الوطنية لمديري الصحف، وقد أمضى كل الشركاء هذا الميثاق عقب دورات تكوينية نظمتها الهيأة مع شركائها الأمميين[60].

وبذلك، نظمت الهيأة جلسات على النحو التالي:

الفقرة الأولى: جلسات الاستماع العلنية:

فقد انطلقت جلسات الاستماع العلنية في 17 نوفمبر 2016، وكان لها صدى إيجابي لدى الرأي العام الذي تابع بكثافة هذه الجلسات التي وقع بثها على المباشر بالقنوات الوطنية والأجنبية وتابعها أكثر من مليون مُشاهدٍ[61]. وتهدفُ هذه الجلسات إلى إطلاع الرأي العام على حجم وجسامة الانتهاكات التي عرفتها خلال سنوات تحقيق عمل الهيأة، وتسعى من خلالها الهيأة إلى حفظ الذاكرة الوطنية وضمان عدم التكرار من خلال توثيق مُختلف الانتهاكات ومعرفة السِّياق التَّاريخيِّ لها. بالإضافة، إلى المُساهمة في ردِّ الاعتبار للضَّحايا واستعادة كرامتهم من خلال تبليغ صوتهم.

وساهمت هذه الجلسات في تفكيك منظومة الاستبداد والفساد وإصلاح المؤسسات وتطور التشريعات من أجل إرساء دولة القانون، وترسيخ ثقافة عدم الافلات من العقاب من جهة وتمكين مرتكبي الانتهاكات من الاعتراف وطلب الاعتذار من الضحايا عملا على تكريس المصالحة الوطنية من جهة أخرى[62]. وقد ضمَّت هذه الجلسات 22 مقدم شهادة من ضحايا وشهود، وقررت الهيأة إعطاء الأولوية للانتهاكات الجسيمة والمُمنهجة لحقوق الإنسان من أهمها القتل العمد، التعذيب، الاختفاء القسري، انتهاك الحق في محاكمة عادلة، الانتهاكات الجنسية الايقاف التعسف، المنع من الارتزاق وأشكال الاعتداء على حق الشغل، انتهاك الحق في الصحة، المراقبة الادارية، انتهاك الحق في مُمارسة المُعتقد[63].

وكما غطت هذه الشهادات الانتهاكات التي حصلت خلال أحداث الثورة، الانتهاكات التي استهدفت المُقاومين للاستعمار، قضية براكة الساحل والفساد المالي[64].

الفقرة الثانية: جلسات الاستماع السرية:

قررت الهيأة تنظيم 16037 جلسة، سنة 2016، مُعظمُها فرديَّة، بالإضافة إلى الجلسات الجماعية للضحايا، والتي يقعُ تنظيمُها بمقرها المركزي ومكاتبها الجهويَّة.

تمثل جلسات الاستماع السرية مرحلة من مراحل البحث والتقصي وكشف الحقيقة وآلية لتوثيق ذاكرة الانتهاكات التي تعرَّض لها الضحايا، حيثُ حرصت الهيئة منذ البداية على توثيق الجلسات من خلال التطبيقات الإعلامية والتسجيلات السَّمعيَّة البصريَّة بعد أخذ ترخيصٍ مكتُوبٍ من مُقدِّم الإفادة[65].

ارتفع عدد مكاتب استماع إلى 81 مكتب، يضم 190 متلقي إفادة في اختصاصات القانون وعلم النفس وعلم الاجتماع والخدمة الاجتماعية، مُوزَّعين على مكاتب استماع بالمقر المركزي وبالمكاتب الجهوية وبالمكاتب المُتنقلة. وبلغت عددُ جلسات الاستماع المُنجزة خلال 2016 في مكتب تونس 10036 جلسة، من بينها 1012 جلسة استماع متنقلة، و6001 جلسة بالمكاتب الجهوية[66].

انطلق عملُ الهيأة في تنظيم جلسات الاستماع السرية بصفة رسمية بتاريخ 31 غشت 2015، وذلك بعد مرحلة تكوين لفريق الاستماع في شهر ماي 2015، وتم الاستماع إلى 1938 مودع ملف، وذلك طيلة 79 يوم استماع إلى غاية يوم 31 ديسمبر 2015، وتستغرق جلسة الاستماع بين ساعتين و 20 ساعة حسب الحالة[67].

فقد جندت الهيأة طاقمها الاداري والبشري في تحديد 12 فريق استماع في 12 مكتب استماع على الصعيد الوطني، حيث يتكون الفريق من عنصرين، أحدهما مختص في علم اجتماع أو علم النفس، والآخرُ مُختصٌّ في القانون، ويُشاركُون أعضاء المجلس في جلسات الاستماع كلما اقتضت الحاجة إلى ذلك. فيما أدَّى فريقُ الاستماع اليمين لأجل تأكيد الالتزام بواجب حفظ أسرار الضحايا، أمام الرئيس الأول لمحكمة الاستئناف بتونس قبل مباشرتهم لمهامهم[68].

وبعد فرز الملفات في المرحلة الأولية، قامت الهيأة بدعوة الضحايا والمنسوب إليهم الانتهاكات والشهود الذين قبلت ملفاتهم في مرحلة الفرز للاستماع إليهم، وفيما تؤكد الهيأة أن الدعوة يتم توجيهها للمعني بالأمر (الضحية أو المنسوب إليه الانتهاك أو الشاهد)، وليس بالضرورة لمودع الملف إن لم يكن هو المعني[69].

الشكل رقم 6: توزيع جلسات الاستماع حسب تصنيف الملفات

المصدر: التقرير السنوي لهيأة الحقيقة والكرامة 2015.

الفقرة الثالثة: سير جلسات الاستماع الفردية:

يتم تسجيل جلسة الاستماع صوتا وصورة (أحيانا تسجيل صوتي فقط)، وفي كل الحالات بموافقة كتابية لمقدم الإفادة. وتتكون جلسة الاستماع من جزئين:

  • رواية تلقائية من طرف مقدمها لإفادة تكون منطلقا لحفظ الذاكرة الوطنية.
  • إجابة عن مجموعة أسئلة الإفادة المعدة للغرض، ويتسلم مقدم الإفادة وصلا في نهاية جلسة الاستماع.

وعملت الهيأة على تنظيم جلسات الاستماع المتنقلة، حيث قررت الهيأة في المرحلة الأولى تخصيص 4 سيارات للتنقل لتلقي الإفادات في محال سكنى الضحايا والشهود[70]. خصصت الهيأة ميزانية لسنة 2015 اعتمادات لشراء وتجهيز 6 مكاتب متنقلة تتركز في الساحات العمومية لاستقبال الملفات.

وإلى جانب هذا، قامت الهيأة بالاستماع إلى مجموعات من مودعي الملفات بصفة استثنائية خلال يوم واحد نذكر منها[71]:

  • الاستماع إلى مجموعة تتكون من 22 سجينا سياسيا من الإسلامين أصيلي مدينة نفطة الجنوبية ممن شملهم مرسُوم العفو العام، وذلك يوم 21 اكتوبر 2015.
  • الاستماع إلى ممثلي ضحايا الاختفاء القسري لحادثة سواحل طبرقة سنة 2008 من الجنسية التونسية والجزائرية (3 تونسيين و 18 جزائري)، وذلك يوم 06 نوفمبر 2015.
  • الاستماع إلى مجموعة من اليوسفيين أصيلي ولاية قبلي (13 ضحية) ممن لم يشملهم قانون نظام الحُريات المُخولة للمُقاومين سنة 1974، وذلك بتاريخ نوفمبر 2015.

الفقرة الرابعة: الاستماع السري الجماعي:

قامت الهيأة بعد مسح الانتهاكات التي وقت في تونس، بتحديد قائمة من الضحايا التي يمكن الاستماع لهم بعد دراسة ملفاتهم بصفة جماعية، ووضعها في سياقها التاريخي والسياسي للانتهاكات التي وقعت في تونس.

اعتمدت هيأة الكرامة والحقيقة تنظيم المقابلة الجماعية (الاستماع الجماعي) والمجموعات البؤرية focus group والمجموعات النشيطة لأجل الاستماع للضحايا بشكل جماعي وبعدها بشكل فردي لاستكمال البيانات اللازمة[72] أو لأجل التوضيح.

ويقضي نجاح هذه التقنية توفر جملة من الشروط في المجموعة موضوع جلسة الاستماع الجماعية:

  • أن تكون متجانسة من الناحية الاجتماعية المستوى التعليمي والسن وبالنسبة للعدد أن يتراوح بين 8 و 12.
  • أن تكون المجموعة طبيعية تنتمي إلى نفس الوسط الاجتماعي وتجمعهم علاقة طبيعية.
  • أن تكون المجموعة مجموعة انتماء، مثال: انتماء حزبي أو عرقي أو عقائدي أو أيديولوجي.
  • أن تكون المجموعة تشاركت وعايشت نفس التجربة والأحداث.

وفي هذا الإطار عقدت الهيئة مجموعة من الجلسات الجماعية بمقرها المركزي وبالمكاتب الجهوي وهي كالآتي:

الجلسة عدد المستمع إليهم
جلسة استماع جماعية خاصة بمجموعة الجبهة القومية التقدمية لتحرير تونس 13
جلسة استماع جماعية خاصة بجرحى الحوض المنجمي 10
جلسة استماع جماعية خاصة بأحداث الرش بسليانة 18
جلسة استماع جماعية خاصة بمجموعة سبيطلة من ضحايا أحداث 26 جانفي 1978 21
جلسة استماع جماعية خاصة بمجموعة سليمان 2006/2007. 09

المصدر: تقرير هيأة الحقيقة والكرامة 2016، ص: 58.

وقد تم تنظيم جلسات الاستماع الجماعية وفق دليل اجراءاتٍ مُعتمدٍ، وعلى ضوء ذلك يتم إعدادُ ملف الاستماع الجماعي خاص بكل جلسة[73].

الفقرة الخامسة: جلسات الاستماع والنوع الاجتماعي:

في مختلف تجارب لجان الحقيقة والمصالحة، عملت على تنظيم جلسات سرية وأحيانا عمومية حسب طلب الضحية؛ نظرا لسرية المواضيع المطروحة على لجان الحقيقة المتعلقة بالنوع الاجتماعي، علما أن النساء في غالب التجارب لا تعترف بحجم الانتهاكات التي تتعلق بالاغتصاب والاعتداء الجنسي…إلخ، كذلك نفس الانتهاكات التي تطال الرجال نجد الاعتراف بها يصبح غير ممكنا نظرا للخصوصية المحلية والوصم الاجتماعي، وبهذا في نهج العدالة الانتقالية تحاول أن تشجع جلسات الاستماع النوعية قصد تعويض سنوات التعتيم وكشف الحقيقة، وينصح دائمًا بأن يتمّ العمل بشكل وثيق جدًّا مع المجموعات النسائيّة ومجموعات الناجين الّتي بدأت مسيرة بناء الثقة منذ وقت طويل، والتي قامت بتوثيق هذه الانتهاكات، وبمُساعدة هؤلاء النساء، والتّي تستطيعُ الاضطلاع بدور المُحاور[74].

فالنساء في غالب الأحيان لا يرغبن في الإفصاح، فهُنَّ لا يُرِدْنَ أنْ يعرف مُجتمعُهُنَّ أو عائلتهُنَّ بأنَّهُنَّ تعرَّضن للانتهاك بهذه الطريقة[75]. فقد اعتمدت هيأة الحقيقة والكرامة النوع الاجتماعي في شتى مراحل عملها[76].

الشكل رقم 7: توزيع مدلي الإفادات حسب الجنس

المصدر: التقرير السنوي لهيأة الحقيقة والكرامة 2015.

على هامش ورشتي العمل التي نظّمها المركز الدولي للعدالة الانتقالية بصفاقس وتونس يومي 17 و23 جويلية 2016 حول “المنظمات النسائية وجلسات الاستماع العمومية”، قامت لجنة المرأة صلب هيئة الحقيقة والكرامة باستبيان حول مدى استعداد النساء الضحايا للإدلاء بشهادتهن في جلسات استماع علنية.

وقد شارك في هذا الاستبيان 20 امرأة ضحية من ولاية صفاقس و18 امرأة و6 رجال من تونس العاصمة.

جدول رقم 1: نتائج الاستبيان[77]

السؤال صفاقس تونس
الاستعداد للمشاركة في جلسة استماع علنية –          40 %  نعم

–          55 %  لا

–          66 %  نعم

–          22 %  لا

وجود معلومات أولية حول جلسات الاستماع العلنية –          50 %  نعم

–          50 %  لا

–          77 %  نعم

–          22 %  لا

مصدر المعلومات حول “جلسات الاستماع العلنية”. –          80 %  الهيئة

–          40 %  المجتمع المدني

–          10 %  وسائل الإعلام الوطنية

–          5 %  وسائل الإعلام الأجنبية

–          66 %  الهيئة

–          33 %  المجتمع المدني

–          11 %  وسائل الإعلام الوطنية

–          0 %  وسائل الإعلام الأجنبية

الكشف عن الهوية في جلسات الاستماع العلنية –          45 %  كشف الهوية والظهور دون شروط عند سرد التجربة

–          35 %  الادلاء بالشهادة شرط التكتم على الهوية ووراء ستار

–          20 %  تحفّظ عن الإجابة

–          44 %  كشف الهوية والظهور دون شروط عند سرد التجربة

–          22 %  الادلاء بالشهادة شرط التكتم على الهوية ووراء ستار

–          34 %  تحفّظ عن الإجابة

التخوّفات من المشاركة في جلسة استماع علنية –          70 %  تخوف من العائلة

–          40 %  تخوف من المجتمع

–          35 %  تخوف من أجهزة الدولة

–          20 %  تخوف من القائم بالانتهاك

–          33 %  تخوف من العائلة

–          33 %  تخوف من المجتمع

–          0 %  تخوف من أجهزة الدولة

–          11 %  تخوف من القائم بالانتهاك

انتظارات الضحايا في الجلسات العلنية –          100 %  إصلاح المؤسسات

–          100 %  رد الاعتبار

–          90 %  جبر الضرر

–          95 %  عدم التكرار

–          90 %  حفظ الذاكرة

–          85 %  رفع الوعي

–          85 %  كشف الحقيقة.

–          100 %  إصلاح المؤسسات

–          100 %  رد الاعتبار

–          100 %  جبر الضرر

–          88 %  عدم التكرار

–          77 %  حفظ الذاكرة

–          88 %  رفع الوعي

–          88 %  كشف الحقيقة

–          11 %  مساءلة القائم بالانتهاك

الصورة رقم 4: لجلسات الاستماع العمومية في تونس

الشكل رقم 8 : التسلسل الزمني لجلسات الاستماع العمومية في تجربة العدالة الانتقالية التونسية.

خاتمة:

تُشكِّلُ جلساتُ الاستماع بأنواعها أحد المداخل الأساسيَّة للعدالة الانتقاليَّة التي تعتمدُ عليها تجاربُ لجان الحقيقة والمُصالحة، والتي تُمكِّنُ الضَّحايا وذويهم والشُّهُود من الادلاء باعترافاتهم أو بشهاداتهم الشَّفويَّة بعيداً عن تقديس الوثائق الرَّسميَّة أو في ظلِّ غياب أرشيفٍ يُوثِّقُ لبعض الأحداث والوقائع الاجتماعيَّة، والتي تمَّ إتلافُها من تاريخ الانتهاكات الجسيمة لحُقُوق الإنسان للدُّول قَيْدَ الدِّرَاسَةِ.

وبهذا، لعبت جلسات الاستماع دورا تربويا لإعادة كتابة تاريخ الأحداث بشكل رسمي للبناء وحفظ الذاكرة الجماعية ومقاسمة الآلام والمُعاناة، والتخفيف من المُخلفات النفسية والاجتماعية التي تعرَّض لها الضحايا خلال فترات من تاريخ الانتهاكات. فجلسات الاستماع ما هي إلا إعادة وضع سكة الديمقراطية على منحاها الإيجابيِّ بين مُختلف الفُرقاء الاجتماعيين والسِّياسيين.

فقد اختلف الإطارُ القانُونيُّ والتَّنظيميُّ لجلسات الاستماع بأنواعها حسب كُلِّ تجربةٍ على حدةٍ، فإذا كانت تجربة سيراليون منْ حيثُ البُنية القانُونيَّة ركَّزت على جميع الآليَّات والتَّوجيهات لتحضير لجلسات الاستماع وفق مَرْجِعِيَّتَهَا فإنَّ همَّ السيراليونيين هُو ضمانُ الاستقرار والسَّلام جرَّاء الحُرُوب والصِّراعات التي عرفها، أمَّا تجربة جنوب أفريقيا كذلك كانت مُتميِّزة من حيثُ الإطار القانوني لجلسات الاستماع وتنوعها وكثرة عددها في مُختلف المناطق، الشيء الذي يختلفُ مع باقي التجارب المُقارنة، وكما يعتقدُ بعض المُراقبين فإن جلسات الاستماع العامَّة في جنوب أفريقيا يُنظرُ إليها أيضاً على أنَّها أداةٌ لبناء الأمَّة، تُرسلُ نيَّةً مُجتمعيَّةً مُشتركةً للوُصُول بمُواطني جنوب أفريقيا -الجُناة مثلما الضَّحايا- لأجل إقامة مُستقبلٍ مُوحَّدٍ[78].

أما التجربة التونسية التي تعد من أفضل تجارب لجان الحقيقة قيد الدراسة من حيث البنية التنظيمية والقانونية لجلسات الاستماع وتنوعها، فقد اعتبرت “ابتهال عبد اللطيف“، أحد أعضاء هيئة الحقيقة والكرامة أنّ التأثير كان زلزاليّاً. وأضافت: “لقد كان زلزالًا للبلاد. ليس زلزالًا يُدمر، بل زلزالاً يبني”. هذه هي قوة جلسات الاستماع العامة المُحتملة التي جعلت المستحيل ممكنا في دول عربية طال أمد الاستبداد والاستبعاد والاستبلاد وسد أفواه المعارضين بأنواعهم.

أما التجربة المغربية بالرغم من عدم التنصيص القانوني على مجريات جلسات الاستماع فإنها عملت في مسايرة التجارب المقارنة في تنظيم جلسات الاستماع، فجلسات الاستماع العُمُوميَّة في التجربة العربية المغربية لعبت دورا رياديا على المُستوى الإقليميِّ للحكي والبوح بما تعرَّض لهُ الضحايا وذويهم ما بين 1956 و 1999، من انتهاكاتٍ جسيمةٍ لحقوق الإنسان ومختلف الأحداث الاجتماعية، فهي تحاول أن تنقل الماضي لقراءته وتحليله ومشاركته مع الأجيال الحاضرة لبناء مقومات المستقبل، وبه يحاول المغرب “…التصالح مع ذاته؛ وذلك لتصفية جوانب من تركة ماضيه السياسي المُثخن بالظلم والاستبداد”[79].

فتلك الجلسات ليست بالعملية السهلة أو مجرد شريط عابر أو تسويقي أو لحظة من لحظات الاستشفائية، أكثر مما هي اعتراف النظام السياسي المغربي بفضائحه، التي طالما كانت مستُورةً، ويصعُبُ الحديثُ أو النبش في مُجرياتها، بل هي جلساتٌ عُمُوميَّةٌ، قوت النظام السياسي المغربي بكل جرأة على المستوى الداخلي والخارجي، والاعتراف الضمني بأخطائه ومسؤوليته، إذ سمح لمختلف الشهادات التي كابدت مرارة و عتمات ومظالم الزنازين السَّـوداء من التعذيب المبالغ فيه إلى حد القتل البطيء.

فتلك الشهادات التي رويت لما تعرضوا له بشكل مباشر أو غير مباشر في مختلف المناطق الجغرافية المتباينة، لمرارة الحكي العمومي ماهي إلا شفاء نفسي يعيدك إلى حقبة الماضي بقساوة الجلاد وقساوة الظروف التي انعدمت فيه الآدمية والانسانية، ما يفكر فيه الشاهد وهو يبوح بمعاناته: معاقبة ومحاكمة المسؤولين في اللاشعور، ولكن طبيعة الالتزام والالزام يقول بصوت خفي: “عفى الله عما سلف“.

وعموما، فإن الهيأة أنجزت في برمجتها حلقات الاستماع إلى ضحايا “سنوات الجمر” و “سنوات الرصاص”، ما نعتبره مساهمة تاريخية في موضوع تحقيق صورة من صور تصالح الدولة مع المجتمع ونخبه السياسية[80].

الهوامش:

[1] – شوقي بنيوب (أحمد)، “الدورة التدريبية الخاص بتكوين اللجان المشرفة على الحوار الوطني …..م س، ص: 61.

[2] المصطفى (بوجعبوط)، “المصالحة الوطنية من خلال تجارب العدالة الانتقالية: مظاهر تحقيق الوحدة الوطنية و الانسجام الاجتماعي”، العدد: 2، مجلة: اتجاهات سياسية، المركز العـربي الديموقراطي للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية، برلين- ألمانيا، يناير 2018.

[3] – المركز الدولي للعدالة الانتقالية، بيان صحفي “هيئة الحقيقة المغربية تبدأ جلسات الاستماع العمومية غداً20/12/2004، استرجعت بتاريخ 25/07/2015 على الموقع التالي:

  http://www.anhri.net/mena/ictj/pr041220.shtml

[4] – المصدر السابق نفسه.

[5] مارك فريمان وبرسيبلا ب، هانير ” المصارحة“، منشورات المركز الدولي للعدالة الانتقالية، ص:15، استرجعت بتاريخ:25/06/2011 ، من الموقع التالي:

http://192.220.10.204/arabic/Freeman-Hayner_IDEA_TruthTelling_2003_AR.pdf  

[6] – قانون عدد 34 لسنة 1995 الصادر في 26 يوليوز 1995 المتعلق بتعزيز الوحدة الوطنية والمصالحة، للمساهمة في البحث وإنشاء صورة شاملة وممكنة لطبيعة وأسباب ومدى الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان التي ارتكبت بين 1 مارس 1960، والموعد النهائي المنصوص عليه في الدستور.

[7]Vol One, Chapter Five, Methodology and Processes, APENDICES, APPENDIX ONE: MANUAL FOR STATEMENT-TAKERS, P, 195, Retrived, June  25, 2018, From : 

http://sierraleonetrc.org/index.php/view-the-final-report/download-table-of-contents/volume-one/item/volume-one-appendices?category_id=11

[8] Ibid.

[9]Vol One, Chapter Five, Methodology and Processes, APENDICES, APPENDIX ONE: MANUAL FOR STATEMENT-TAKERS, P, 195, Retrived, June  25, 2018, From : ….Ibit, pp,231-232.

[10] Vol One, Chapter Five, Methodology and Processes, APENDICES, APPENDIX ONE: MANUAL FOR STATEMENT-TAKERS, P, 195, Retrived, June  25, 2018, From : ….Ibit, p. 232

[11]Vol One, Chapter Five, Methodology and Processes, APENDICES, APPENDIX ONE: MANUAL FOR STATEMENT-TAKERS, Retrived, June  25, 2018, From : ….Ibid, p ,233

[12] Vol One, Chapter Five, Methodology and Processes, APENDICES, APPENDIX ONE: MANUAL FOR STATEMENT-TAKERS, Retrived, June  25, 2018, From : ….Ibit, p ,235.

[13] Vol One, Chapter Five, Methodology and Processes, APENDICES, APPENDIX ONE: MANUAL FOR STATEMENT-TAKERS, Retrived, June  25, 2018, From : ….Ibit, p ,238.

[14] Vol One, Chapter Five, Methodology and Processes, APENDICES, APPENDIX ONE: MANUAL FOR STATEMENT-TAKERS, Retrived, June  25, 2018, From : ….Ibid, p ,240.

[15] – الفقرة السابعة (7) من المادة 9 من النظام الأساسي للهيئة.

[16] فيرلا أو بغنهافن ومارك فريمان، ” العدالة الإنتقالية في ….م س. ص: 26.

[17] –  شوقي بنيوب (أحمد)، “الدورة التدريبية الخاص بتكوين اللجان المشرفة على الحوار الوطني حول العدالة الانتقالية في الجهات تونس/ يوليوز 2012، – مادة مرجعية حول العدالة الانتقالية-، ص: 65.

[18] – نفسه.

[19]– “جلسات الاستماع العمومية: قواعد تنظيمية لسير الجلسات“، استرجعت بتاريخ 25/07/2015 على الموقع التالي:

http://www.ier.ma/article.php3?id_article=668

[20]بوسعدن (لطيفة)، ” تجربة جلسات الاستماع العمومية: المغرب تحت ضوء التجارب المقارنة“، عن مجلة نوافذ ،”العدالة الانتقالية في المغرب: قراءة في تجربة هيئة الإنصاف والمصالحة“، عدد: 32/33، يناير 2007، ص: 162.

[21]قانون أساسي عدد 53 لسنة 2013 مؤرخ في 24 ديسمبر 2013 يتعلق بإرساء العدالة الانتقالية وتنظيمها، عدد 105، الرائد الرسمي للجمهورية التونسية- 31 ديسمبر 2013، ص : 4336.

[22]– قرار مجلس هيأة الحقيقة والكرامة عدد 05 لسنة 2015 مؤرخ في 13 جويليه 2015 يتعلق بالمصادقة على دليل إجراءات التحكيم والمصالحة للجنة التحكيم والمصالحة.

[23] –  انظر دليل إجراءات التحكيم والمصالحة للجنة التحكيم والمصالحة. المادة 9 شروط قبول مطلب التحكيم والمصالحة. ويشترط لقبول طلب التحكيم والمصالحة المقدم من قبل المنسوب إليه الانتهاك توفر الشروط التالية:

  • إقرار طالب التحكيم والمصالحة بما اقترفه كتابيا واعتذاره الصريح.
  • القبول بالمشاركة في جلسات الاستماع العمومية إذا طلبت الهيأة ذلك.
  • القبول بالقرار التحكيمي، واعتباره قرارا نهائيا غير قابل لأي وجهٍ من أوجُه الطعن أو الإبطال، أو دعوى تجاوز السلطة.

وإذا تعلق الطلب بانتهاك فساد مالي واعتداء على المال العام يشترط إضافة إلى ذلك:

  • بيان الواقع التي أدت إلى الاستفادة غير الشرعية، وقيمة الفائدة المحققة من ذلك.
  • إرفاق المطلب بالمؤيدات التي تثبت صحة أقواله.

[24] – قرار مجلس هيئة الحقيقة والكرامة عدد 02 لسنة 2014 مؤرخ في 19 سبتمبر 2014 يتعلق بضبط دليل إجراءات العامة لهيأة الحقيقة والكرامة وبشره، (المصادقة في قراءة ثانية، دجنبر2016).

[25] – قرار مجلس هياة الحقيقة والكرامة عدد 8 لسنة 016 مؤرخ في 27 ماي 2016 يتعلق بالمصادقة على دليل إجراءات لجنة المرأة.

[26] صوفيا (ماجد)، …..م، س،ص:139.

[27] – “جلسات الاستماع العامة: منصات للحقيقة والكرامة والتنفيس“، استرجعت بتاريخ 01/07/2018 على الموقع التالي:

https://www.ictj.org/ar/new/public-hearings-platforms-truth-dignity

[28] محمد صادق (اسماعيل)، “تجربة جنوب أفريقيا: نيلسون مانديلا والمصالحة الوطنية،  دار العربي- القاهرة، ط، 1، 2013.- ص: 45.

[29]Goldblatt B and S Meintjes (1996), Gender and the Truth Commission. Submission to the Commission, page 29.

[30] The report of the Truth and Reconciliation Commission of South Africa, VOLUME 4 CHA 10 Special Hearing on Women, p, 295.

[31] النويضي (عبد العزيز) ، “إشكالية العدالة الانتقالية: تجربتي المغرب وجنوب إفريقيا“،  الخميس, 14 فبراير, 2013 ، استرجعت بتاريخ 20/06/2018 على الموقع التالي:

http://studies.aljazeera.net/ar/files/arabworlddemocracy/2013/01/201312410191634162.html

[32]النويضي (عبد العزيز) ، “إشكالية العدالة الانتقالية: تجربتي المغرب وجنوب إفريقيا“،  الخميس, 14 فبراير, 2013 ، استرجعت بتاريخ 20/06/2018 على الموقع التالي:

http://studies.aljazeera.net/ar/files/arabworlddemocracy/2013/01/201312410191634162.html

[33]Sierra Leone: Public hearings start at truth commission, Published on 16 Apr 2003, Retrived ,june 05, 2018, From: https://reliefweb.int/report/sierra-leone/sierra-leone-public-hearings-start-truth-commission

[34]  Witness to Truth: Final Report of the TRC, APPENDIX 3 – PART ONE, THE TRUTH AND RECONCILIATION COMMISSION (TRC) TRANSCRIPTS OF PUBLIC HEARINGS HELD IN FREETOWN, DAY ONE -14TH APRIL 2003, p p 143.

[35]Witness to Truth: Final Report of the TRC, APPENDIX 3 – PART THREE THE TRUTH AND RECONCILIATION COMMISSION (TRC) TRANSCRIPTS OF THEMATIC AND INSTITUTIONAL HEARINGS, DATE: May 7, 2003 p p, 1-505.

[36] – International Institute for Democracy and Electoral Assistance(IDEA) 2008, Luc Huyse Mark Salter,« Traditional Justice and Reconciliation after Violent Conflict Learning from African Experiences » Joe A. D. Alie,  « Reconciliation and traditional justice: …, p : 129.

[37] – تعمــل “روزالينــد شــو” كأســتاذة مســاعدة ورئيســة قســم الأنثروبولوجيــا فــي جامعــة تافتس، وتعمل بفريق معهد الســلام الأميركي و مركز كار لسياســات حقوق الإنسان التابع لجامعة هارفارد . وتعــد الكاتبة أبحاثــا وتلقي محاضرات فــي علم الأنثروبولوجيا ومواضيــع العنف الجماعي واعادة الاعمــار والذاكــرة الاجتماعيــة والدين وأفريقيــا. وتجري شــو أبحاثا ميدانيــة في ســيراليون ولها العديــد مــن الكتــب والمقــالات، أبرزهــا كتــاب “ذكريات، ذكريات تجــارة العبيد: الطقوس والخيال التاريخي في ســيراليون”، والذي تم ترشــيحه عام 2003 فــي التصفية النهائية لجائزة هرسكوفيتس عن أفضل دراسة متعمقة حول أفريقيا.

[38]روزاليند شو،” إعادة النظر في لجان تقصي الحقائق والمصالحة: دروس من سيراليون“،……م س، ص: 5.

[39]المؤسسة الدولية للديموقراطية والانتخابات، “العدالة والمصالحة التقليديتان بعد الصراعات العنيفة: التعلم من التجارب الأفريقية“، 2008، السويد، ترجمة: نايف الياسين، ص: 129.

[40] –  بوسعدن (لطيفة)، “تجربة جلسات الاستماع العمومية بالمغرب تحت ضوء التجارب المقارنة”، مجلة نوافذ، ” العدالة الانتقالية في المغرب: قراءة في تجربة هيأة الإنصاف والمصالحة””، عدد 33-32 يناير 2007، مطبعة النجاح الجديدة، الدار البيضاء،  ص:162.

[41] – بوجعبوط (المصطفى)، “تجربة العدالة الانتقالية في تونس ما بعد الربيع العربي: قراءة في مسار الأنظمة القانونية لهيأة الحقيقة والكرامة“، مجلة: جيل حقوق الإنسان، العدد: 26، مركز جيل البحثي العلمي –طرابلس- لبنان، يناير2018.

[42] – موجز مضامين التقرير الختامي،…ص: 33.

[43] – كما تلتزم الهيئة باحترام مبدأ القبول الطوعي للشهود المشاركين، وعلى اطلاعهم المسبق على شروط المشاركة، وضمان حضور عائلاتهم وأقربائهم، ومصاحبتهم من طرف فريق طب- نفسي، والسهر على عدم المساس بكرامتهم وعدم التمييز بينهم وتمتيعهم بحقهم في استعمال اللغة التي يرتضونها، إضافة إلى التمهيد للجلسات بعمل تحضيري تتحمل فيه الهيئة نفقات التنقل والإقامة.

للمزيد حول هذا أنظر: “ميثاق شرف بالتزامات هيئة الإنصاف والمصالحة والضحايا المشاركين في جلسات الاستماع العمومية“، استرجعت بتاريخ 30/05/2015 على الموقع التالي:

http://www.ier.ma/article.php3?id_article=669 

[44] – “هيئة الإنصاف والمصالحة والمعهد الملكي للثقافة الأمازيغية يشرعان في عقد سلسلة لقاءات ثقافية حول موضوع:” جلسات الاستماع والتاريخ الشفوي” يوم الثلاثاء 7 دجنبر 2004 بالرباط، ……….م س.

[45] بودرقة (امبارك)، و بنيوب (أحمد شوقي)، “كذلك كان…“، مذكرات من تجربة هيأة الإنصاف ……م س، ص: 247.

[46] – بودرقة (امبارك)، و بنيوب (أحمد شوقي)، “كذلك كان…“، مذكرات من تجربة هيأة الإنصاف….م س، ص: 252.

[47] – تقرير منظمة العفو الدولية، “الوعد الضائع: هيئة الإنصاف والمصالحة ومُتابعة أعمالها“، ص: 36.

[48] – مذكرة مرفوعة إلى السيد رئيس هيأة الإنصاف والمصالحة بشأن جلسات الاستماع العمومية، المنتدى المغربي من أجل الحقيقة والإنصاف، تاريخ توصل الهيأة بالمذكرة، 21/04/2007.

[49] – عالي الحيسن (محمد)، العدالة الانتقالية بالمغرب: أية مقاربة لتسوية ملفات الاختفاء القسري والاعتقال التعسفي للضحايا الصحراويين؟ أكدز، قلعة مكونة والعيون : نموذجا، مطابع الرباط نت 2017، ص: 148.

[50]بوجعبوط (المصطفى)، “عنف الدولة أم عنف المجتمع : دراسة في إبستيمولوجيا المفهوم بين سيناريوهات دولة  الحق والقانون  والمصلحة العليا للدولة: (مقاربة للنموذج المغربي لما بعد الاستقلال)“. العدد 29- ضمن مجلة جيل حقوق الإنسان، وهي مجلة علمية دولية محكمة تصدر دوريا عن مركز جيل حقوق الإنسان – لبنان – طرابلس.

[51] – لويس بيكفورد،” مشروعات الحقيقة غير الرسمية“، منشورات المركز الدولي للعدالة الإنتقالية، ص: 7.

[52] – يونس البضيون” مقابل مبادرة هيئة الإنصاف والمصالحة..تنظيم جلسات استماع عمومية موازية“، جريدة، التجديد ، يوم 05 – 01 – 2005

[53] – نفسه.

[54] بيان الجمعية المغربية لحقوق الإنسان بخصوص جلسات الاستماع الى ضحايا الانتهاكات الجسيمة لحقوق الانسان، المكتب المركزي في 27 دجنبر 2004.

[55] – ومن ضمن أسماء هذه الشهادات:

  • شهادة أحمد المرابط (نقل من تطوان إلى درب مولاي الشريف حيث سيقضي 8 أشهر ليتم حجزه بمركز الكوربيس)؛
  • شهادة أحمد بنجلون (احتجز بدار المقري ونقل إلى السجن العسكري بالقنيطرة………)؛
  • شهادة محمد غلول (اعتقل بالسجن الجهنمي بتازمامارت…)؛
  • شهادة محمد الرحوي (ضمن مجموعة بنو هاشم ضحايا الإختطاف القسري بالكومبليكس أكدز قلعة مكونة وسكورة…)؛
  • شهادة عبد المومني (احتجز بدرب مولاي الشريف وسجن عين برجة وسجن لعلو كوميسرية المعاريف بالبيضاء….)؛
  • شهادة عز الدين الهوري ( احتجز بدرب مولاي الشريف وسجن آسفي والسجن المركزي بالقنيطرة…..)؛
  • شهادة أحمد المرزوقي (ضحايا تازمامارت…..)؛
  • شهادة عبد الله زعزاع ( درب مولاي الشريف..)؛
  • شهادة عبد اللطيف عبابو (ابن محمد اعبابو الذي شارك في محاولة انقلاب 10 يوليوز 1971)؛
  • شهادة محمد مجاهد ( ضحايا تازمامارت)؛
  • ……….إلخ.

[56] – ومن أهم هذه الشهادات:

  • شهادة ماريا شرف ( نقلت إلى درب مولاي الشريف وقضت 14 يوما ووفاة زوجها آمين تهاني جراء التعذيب الذي لحقه….)؛
  • شهادة جيمي الغالية (تعرضت للإختطاف والاختفاء القسري……)؛
  • شهادة خديجة أنالوسيا ( زوجة بريطل أبو القاسم…)؛
  • شهادة عايدة الراشدي ( زوجة صالح حشاد المعتقل بالسجن السري بتازمامارت)؛
  • شهادة زهرة سعد أوخويا ( اعتقلت على إثر أحداث مارس 1973 بإميلشيل…)
  • شهادة فخيتة الهيلالي (أم عبد العزيز المنبهي……)؛
  • شهادة حليمة زين العابدين ( تعرضت للاعتقال بالكوميساريات بالرباط والدار البيضاء مابين 1977 و 1980 في إطار حركة عائلات المعتقلين السياسيين)؛
  • شهادة عزيزة الذوبان (زوجة الجيلالي الديك أحد ضحايا المتوفين بتازمامارت…)؛
  • ………………إلخ.

[57] – تم الاستماع إلى الشهادات التالي:

  • شهادة الحاج علي الناصري؛
  • شهادة عبد الله زنيبر؛
  • شهادة عبد الله البارودي؛
  • شهادة أمين المؤدن؛
  • شهادة عبد السلام المنبهي؛
  • شهادة نجاة القشتالي؛
  • ……………..إلخ.

[58] – ومن ضمن هذه الشهادات:

  • شهادة عبد الرحمان بنعمرو؛
  • عبد الرحيم برادة؛
  • عبد الرحيم الجامعي؛
  • عبد اللطيف الحاتمي؛
  • نزهة العلوي؛
  • علي عمار؛
  • محمد الصبار؛
  • …………………..إلخ.

[59] – للمزيد حول جلسات الاستماع غير الرسمية، أنظر: الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، “الأنشطة العمومية للاستماع لضحايا الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان” المنظمة من 12 فبراير لى 02 يوليوز 2005، تحت شعار: “شهادات بدون قيود من أجل الحقيقة”، ط: 1، دار القلم- الرباط ، 2006.

[60] – التقرير السنوي لهيأة الحقيقة والكرامة لسنة 2015، ص: 33.

[61] – التقرير السنوي لهيأة الحقيقة والكرامة، 2016، ص: 33.

[62] – نفسه.

[63] – نفسه، ص: 34.

[64] – نفسه.

[65]– نفسه، ص: 35.

[66] – نفسه.

[67] – التقرير السنوي لهيأة الحقيقة والكرامة، 2015.

[68] – نفسه.

[69] – نفسه.

[70] – التقرير السنوي لهيأة الحقيقة والكرامة ، 2015.

[71] – التقرير السنوي لهيأة الحقيقة والكرامة ، 2015.

[72] – تقرير هيأة الحقيقة والكرامة، 2016، ص: 57.

[73] – تقرير هيأة الحقيقة والكرامة 2016، ص: 58.

[74] – تقرير البرامج للمركز الدولي للعدالة الانتقالية: العدالة المتعلقة بالنوع الاجتماعي، استرجعت بتاريخ 01/07/2018 على الموقع التالي:

https://www.ictj.org/ar/news/ictj-program-report-gender-justice

[75] – نفسه.

[76] – المصطفى (بوجعبوط)، “النوع الاجتماعي في ضوء مسار تجربة العدالة الانتقالية التونسية: النموذج الرائد في شمال أفريقيا“، العدد: الأول، مارس سنة 2018، مجلة: الدراسات الأفريقية وحوض النيل، من صفحة 243- إلى 266.

[77] بنواكريم (نعيمة)، ” كيفية تحضير جلسات الاستماع العمومية“، تونس، استرجعت بتاريخ 22/06/2018 على الموقع التالي:

https://www.slideshare.net/marcedkadha/2011-12214241

[78] – جلسات الاستماع العامة: منصات للحقيقة والكرامة والتنفيس، استرجعت بتاريخ 01/07/2018 على الموقع التالي:

https://www.ictj.org/ar/new/public-hearings-platforms-truth-dignity

[79] – عبد اللطيف (كمال)، العدالة الانتقالية والتحولات السياسية في المغرب: تجربة هيئة الإنصاف والمصالحة، المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، ط، 1، ص: 50.

[80] – عبد اللطيف (كمال)، “العدالة الانتقالية والتحولات السياسية في المغرب:………….م س، ص: 57.

 

لقراءة المقال من مصدره الأصلي اضغط على الرابط التالي:

https://democraticac.de/wp-content/uploads/2018/10/%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%AF%D8%A7%D9%84%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%A7%D9%86%D8%AA%D9%82%D8%A7%D9%84%D9%8A%D8%A9-%D9%81%D9%8A-%D8%A3%D9%81%D8%B1%D9%8A%D9%82%D9%8A%D8%A7-%D9%85%D8%B8%D8%A7%D9%87%D8%B1-%D8%AA%D9%81%D9%83%D9%8A%D9%83-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%86%D8%B8%D9%85%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%84%D8%B7%D9%88%D9%8A%D8%A9-%D8%AF%D8%B1%D8%A7%D8%B3%D8%A9-%D9%81%D9%8A-%D8%AA%D8%AC%D8%A7%D8%B1%D8%A8-%D9%84%D8%AC%D8%A7%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%AD%D9%82%D9%8A%D9%82%D8%A9-%D9%85%D9%83%D8%AA%D8%B3%D8%A8%D8%A7%D8%AA-%D9%88%D8%AA%D8%AD%D8%AF%D9%8A%D8%A7%D8%AA.pdf