مشاركة المركز: قراءة في كتاب الذاكرة السياسية والعدالة المغرب والأرجنتين دراسة مقارنة
قدم مدير المركز المغربي للعدالة الانتقالية ودراسة التقارير الدولية الدكتور المصطفى بوجعبوط قراءة نقدية في كتاب الدكتور عبد الواحد بلقصري حول موضوع:
الذاكرة السياسية والعدالة : المغرب /الارجنتين دراسة مقارنة
قدم الدكتور بوجعبوط المصطفى مدير المركز المغربي للعدالة الانتقالية ودراسة التقارير الدولية قراءة نقدية في كتاب: الذاكرة السياسية والعدالة: المغرب/الارجنتين دراسة مقارنة للدكتور عبد الواحد بلقصري، وذلك يوم السبت 25 يناير 2025 بدار الثقافة بمدينة سيدي سليمان من تنظيم المركز المتوسطي للدراسات والأبحاث وجمعية ريغا للتنمية والثقافة.
فالكتاب يحتوي على 158 صفحة، منشورات: المركز المتوسطي للدراسات والأبحاث، الطبعة الأولى 2024، فالكتاب مقسم إلى قسمين أساسيين هما:
القسم الاول: السياق العام للذاكرة السياسية والعدالة الانتقالية في المغرب الذي استعرض فيه المؤلف الاحداث السياسية الكبرى للمغرب المستقل وسياقها التاريخي. والحركات الحركات الجماهرية والمؤسسات الوطنية لحقوق الانسان التأصيل التاريخي لحركات حقوق الانسان بالمغرب.
أما القسم الاول: اشكالية العدالة الانتقالية بالمغرب والتجارب المقارنة وقف المؤلف على تجربة هيأة الإنصاف والمصالحة والردود الفاعلين الحقوقيين والاكاديميين والسياسيين حول تجربة العدالة الانتقالية بالمغرب
فالكتاب يثير خمسة ملاحظات:
اولا: هذا العمل قيمة مضافة للمكتبة المغربية والعربية في ظل افتقارها لمثل هذا العمل وفي هذا التخصص;
ثانيا: عمل ممتاز في مجال جد مهم يحتاج للبحث والتحري ;
ثالثا: الباحث اقتحم مجال جد صعب عرف فيه العالم موجه جديد للانتقال من مرحلة اللااستقرار الى مرحلة أكثر استقرار ;
رابعا: الباحث اقتحم مجال كان حكرا على الكتابات الاجنبية ;
خامسا: عمل منسجم من حيث البنية والتقسيم …. شكلا مقبولا وكذا المضمون غير انها قابل لنقاش…. هناك ملاحظات لايمكن ان تنقص من هذا العمل ولكن حضورنا هنا حول قراءة العمل من زوايا مختلفة ….زاوية الفاعل ليس هي زاوية السياسي ولا النقابي ولا الاكاديمي…..
فالذاكرة السياسية ، مصطلح يثير كيفية التذكر وتفسير المجتمع لما وقع في الماضي من صراع ونزاع سياسي وما ترتب عنه من انتهاكات، يثير عناصر اساسية: التذكر – التفسير- التعلم- التعويض له، أهمية: الوعي التاريخي- تعزيز الحقوق- المساءلة-الوحدة- التعاون
التحديات: النسيان- التفسير المختلف- التأثير السياسي والقانوني- تدعمه مؤسسات المتاحف الوطنية- المراكز الثقافية والحقوقية- المنظمات -المؤسسات التعليمية- الاعلام
غير أن قراءتي للمؤلف وقفت على مجموعة من الملاحظات منها:
الملاحظة الاولى: تتعلق بزمنية الكتاب ، ماهي المدة الزمنية التي اشتغل عليها الكتاب، هل هي مدة اشتغال هيأة الإنصاف والمصالحة 1956-1999 ام زمنية التي اعلنها الباحث 1956-1990 ومابعدها إلى حدود حكومة التناوب “عبارة مرحلة 1990 الى الآن “ ص 2.
الملاحظة الثانية: تتجلى على أن مؤلف الكتاب عنونه بالذاكرة السياسية والعدالة دراسة مقارنة بين المغرب والارجنتين، ولم تحض تجربة الارجنتين باهتمام المؤلف سوى صفحتين (2) ص ص 85 و 86، والمقارنة بين الارجنتين والمغرب من خلال اوجه التشابه والاختلاف سوى صفحتين (2) ص ص 90 و 91. والتطرق بشكل مختصر لتجارب اخر جنوب افريقيا والبرازيل.
الملاحظة الثالثة: تتجلى من خلال استعراض المؤلف الحركات الجماهرية والمؤسسات الوطنية لحقوق الانسان التأصيل التاريخي لحركات حقوق الانسان، استعرض من خلالها المؤلف مجموعة من الحركات: جمعيات هيئات المحامين بالمغرب/العصبة/ الجمعية المغربية لحقوق ا/ المنظمة م ح ا/ ل……
المؤلف استعرض البنية التنظيمية والاهداف والاختصاصات …..ولم يشير الى مدى تفاعلها مع الذاكرة السياسية من خلال اليات العدالة الانتقالية وتتبع مسارها.
الملاحظة الرابعة: اما على مستوى المؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان ص 38 اشار المؤلف الى بعض المؤسسات مع العلم انه تم تغير اسمها في ظل دستور 2011 نذكر منها: المجلس الاستشاري لحقوق الانسان; كيف تفاعل المجلس مع مخرجات هياة الانصاف والمصالحة ودور لجنة متابعة تنفيذ توصيات الهياة؟ المجلس الدستوري؟ وزارة حقوق الانسان….كيف تطورت هذه المؤسسة الى حدود المندوبية الوزارية لحقوقية الانسان، وكيف تتفاعل هذه الاخيرة مع المنتظم الدولي على ضوء اليات العدالة الانتقالية….
الملاحظة الخامسة: تتعلق بتجربة هيأة الإنصاف والمصالحة، حيث انتهى المؤلف تقديم مكونات وأهداف الهياة وطريقة الاشتغال واختصاصاتها وقراءة في تقرير الهياة من خلال الخلاصات والتوصيات التي قدمها التقرير….
فالمؤلف أكيد بعد اطلاعه على هذه الملاحظات سيتفق معي حول مضمونها وأن المسافة الزمنية التي صدر فيها التقرير النهائي إلى حدود الآن هو تقريبا 20 سنة والمجلس الوطني لحقوق الانسان أطلق ورش الاحتفال ب20 سنة على إحداث الهيأة ….وهناك رسالة سامية لجلالة الملك موجهة لأشغال الندوة الدولية المنظمة بالبرلمان المغربي خلال دجنبر 2024.
…..وأن عشرون سنة هي مدة زمنية قابلة للقياس وتقييم تجربة العدالة الانتقالية بالمغرب من خلال:كشف الحقيقة؛ الادماج الاجتماعي؛ التسوية الادارية والمالية؛ التغطية الصحية؛ حفظ الذاكرة؛ آداب الاعتقال السياسي؛ جبر الضرر الفردي والجماعي؛ برامج جبر الضرر…..الخ. كل هذا وقع فيه تطور ولم يشير المؤلف إلى ذلك حيث وقف على إحصائيات ومعطيات تقف عن التقرير النهائي لهيأة الإنصاف والمصالحة.
الملاحظة السادسة: تجربة الارجنتين 1976-1983 هي تجربة محورية وأساسية لدى مؤلف الكتاب من خلال عنوان الكتاب، ولكنها لم تحض باهتمام واسع ودقيق في التحليل واستعراض دواعي وأسباب إنشاء لجنة الحقيقة ولم يشر المؤلف إلى البنية التنظيمية للجنة ونتائجها في مجال : كشف الحقيقة؛ التعويضات المادية والمعنوية؛ المحاسبة؛ الذاكرة؛ اشكالية الرفاة في الارجنتين؛ الاختفاء القسري…إلخ.
على سبيل المقارنة:
- المقارنة بين قانون الحقيقة رقم 15.848 لسنة 1983 الذي يسمح بالتحقيق في جرائم الديكتاتورية ونظام هيأة الانصاف والمصالحة؛
- قانون العفو 1987 لمنع محاكمة العسكريين لكنه تم الغاؤه لاحقا؛
- قانون النسيان 1987 لمنع محاكمة العسكريين تم الغاؤه أيضا؛
- مقاومة العسكريين للمحاكمة ؛
- تاثير السياسة على المحاكمات؛
- نقص الأدلة والوثائق المتعلقة بجرائم الديكتاتورية.
في الخلاص، تبقى هذه ملاحظات من زاوية معينة …. نتمنى أن يقبلها المؤلف ولا تنقص من القيمة العلمية للكتاب لأهميته في ظل غياب مثل هذه الكتابات …. وبالتالي تنقيحه في ظل المتغيرات وما انبثق على الوثيقة الدستورية 2011 والمتغيرات القانونية والمؤسساتية وانخراط المغرب في المنظومة الدولية لحقوق الانسان ……وتفاعله معها ….. وخصوصا تفاعلات حول تقرير المغرب حول الاختفاء القسري…. ستشكل زاوية اخرى للمؤلف.
مداخلة الدكتور بوجعبوط المصطفى عبر الرابط التالي: