تقرير الندوة العلمية:مسار معالجة الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان

تعدد المقاربات وتقاطع الرهانات

التقرير التركيبي للندوة الوطنية حول موضوع:

مسار معالجة الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان

تعدد المقاربات وتقاطع الرهانات

نظم المركز المغربي للعدالة الانتقالية ودراسة التقارير الدولية، والمركز المغربي للديمقراطية والأمن، وهيئة المحامين بالدار البيضاء، ندوة وطنية حول موضوع: مسار معالجة الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان- اعدد المقاربات وتقاطع الرهانات بدار المحامي بمدينة الدار البيضاء، وقد شارك في هذه الندوة عدد من الأساتذة الأكاديميين والمختصين في مجال الحقوق والحريات والقضاء، وسلطت الندوة الضوء على تجربة هيئة الإنصاف والمصالحة وكيفية معالجة ملفات الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في الفترة ما بين 1999-1956.

ترأس الجلسة الأولى الدكتور عبد الجبار عراش، أستاذ التعليم العالي بكلية الحقوق سطات، مع إمكانية الترجمة لمجموعة من الطلبة الأجانب المهتمين بمجال العدالة الانتقالية. وقد قدم الدكتور عر اش نظرة عامة عن مجال العدالة الانتقالية والطريقة التي عولجت بها هذه الانتهاكات، ومرحلة جبر الضرر والكشف عن الحقيقة والحفاظ على الذاكرة الجماعية. وفي مستهل هذه الجلسة أعطيت الكلمة للأستاذ هلال الذي ينوب عن السيد محمد حيسي نقيب هيئة المحامين بالدار البيضاء.

كلمة السيد هلال ركزت على استحضار أهم اللحظات الحقوقية في المغرب، المتمثلة في هيئة الإنصاف والمصالحة وتقييمها وطي صفحة الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في العهد الجديد، وبالتالي دور المؤسسات الحقوقية. وقد تطرق السيد هلال إلى افتخار هيئة المحامين بالأدوار الطلائعية التي لعبها المحامون أثناء سنوات الرصاص، ودفاعهم المستميت عن الضحايا والدعوة إلى الإصلاح واستقلال القضاء، من خلال إصلاحات سياسية ودستورية، وكذا مواقفهم إلى جانب عدد من الفاعلين والإصرار على تحقيق العدالة لاستكمال تنفيذ وأجرأة توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة. والإقرار الفعلي للحكامة الأمنية التي تعد من بين أقوى التوصيات.

كما أشار إلى ضرورة تخصيص تكوين للمحامين المتمرنين في هذا المجال، وتوثيق هذه الانتهاكات، وأكد في ختام كلمته أن هيئة المحامين بالدار البيضاء ستبقى دائما مفتوحة أمام الأساتذة والباحثين في مجال العدالة الانتقالية وحقوق الإنسان.

وأعطى الدكتور عراش الكلمة للدكتور مولاي أحمد الدريدي، باسم مكتب الجمعية الطبية لإعادة تأهيل ضحايا العنف وسوء المعاملة، والوقوف على أهم الأشياء والمواقف التي حققتها هده التجربة، نظرا لتواجد الجمعية بصفة منفردة في شمال إفريقيا لمدة 23 سنة، فهي نتاج عمل مجموعة من المناضلات والمناضلين (وهم أطباء بشكل رسمي) لتأهيل ضحايا التعذيب. والذين عانقوا آلام المعتقلين والقيام بعلاجهم داخل مستشفياتهم، فهم جنود خفاء تم الاعتراف بمجهوداتهم فيما بعد.

وقد أوضح الدكتور الدريدي أنه تم عقد شراكات مع مراكز لإعادة التأهيل، وعقد العديد من اللقاءات مع دكاترة متخصصين في مجال التعذيب، وكذا شراكات مع العديد من المؤسسات. وفي 2016 عقدت شبكة “أمان” والتي آلت رئاستها للسيد مصطفى المانوزي تحت شعار “مغرب خالي من التعذيب وسوء المعاملة”، والتي تهدف إلى تعزيز الرعاية الصحية والتوعية بواقع التعذيب والحد منه. وبالتالي أصبح للناجين من التعذيب فضاء موحد يلجؤون إليهـ وذلك نتيجة لتكاثف العديد من الجهود وتقديم مختلف العلاجات لهؤلاء الضحايا.

إذن التساؤل الذي طرح هو: هل ساهمت الجمعية في الانتقال الديمقراطي؟ باعتبار عملها أساسا يندرج في إطار مجتمعي خاصة وأنه من بين أهم مخرجاتها توفير التغطية الصحية للضحايا وعائلاتهم، والقيام بالعديد من القوافل خاصة المناطق البعيدة من أطباء ومهنيين وعلاج الساكنة المرتبطة بالناجين من التعذيب. وتم رصد أهم الأرقام المهمة الخاصة بعلاج الناجين من التعذيب واعتبار هذا المشروع ناتج عن عمل جماعي.

إضافة إلى اشتغال الجمعية بالعديد من الأنشطة التي من شأنها أن تدعم عملها في إطار مجتمعي، وكذا استفادة فئات جديدة تعرضت بطريقة أو بأخرى لانتهاك جسيم، وحمايته بمقاربة صحية.

ومن أهم المحاور التي تتناولها الجمعية لاحترام أهم حقوق الإنسان:

  • محور الوقاية من التعذيب وسوء المعاملة؛
  • محور تأهيل الضحايا المبني على الجندر؛
  • محور تأهيل ضحايا الاتجار في البشر؛
  • محور تتبع وتقييم السياسات العمومية في مجال الوقاية وعمل الآلية الوطنية للوقاية من التعذيب.

وأعطيت الكلمة بعد ذلك للأستاذ حسن الإدريسي، رئيس المنظمة المغربية لحقوق الإنسان، والذي رحب بالحاضرين وركز على نقطتين محوريتين هما: العدالة الانتقالية وإرث هيئة الإنصاف والمصالحة، حيث تطرق إلى مسار العدالة الانتقالية وأشار إلى أن التجربة لم تكن إيجابية ومثالية بشكل عام.

وطرح تساؤل حول هل يمكن تأجيل التجربة والتضحية بأهم المكونات؟ على اعتبار أن هذه التجربة ضرورة ملحة من أجل انتقال ديمقراطي فعال خاصة مع تسلسل مجموعة من الأحداث. وهل لا زالت الديمقراطية مطلب نهائي لبلورة توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة؟ وهل لا زالت الديمقراطية بمفهومها الحالي راهنية لتنفيذ توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة؟

فهيئة الإنصاف والمصالحة حسب الأستاذ الإدريسي جاءت بمنهج جديد وفجائي ذات طبيعة خاصة بالمجتمع المغربي، والقضايا التي طرحتها لها راهنية فاجأت الفاعل السياسي، خاصو وأنها تجربة جديدة.

كما تساؤل هل الانتقادات الموجهة للتجربة المغربية لا زالت تدبر من خلال جيل لم يعش هذه الفترة، بنفس المجهودات ونفس النفس الذي كان آنذاك؟ وهل يمكن أن نفرض على جيل بنفس المنطق ونفس الفلسفة التي يدبرها جيل هيئة الإنصاف والمصالحة؟ لا بد من ان يستقل هذا الجيل بمنظور جيل بدل التقوقع في الانتقادات السابقة، وبالتالي ضرورة بلورة نظرة جديدة بأفكار جديدة تخص الجيل الجديد.

وتناول الكلمة السيد مصطفى المانوزي رئيس المركز المغربي للديمقراطية والأمن، والذي أشار أن هذا المركز هو استجابة لتأسيس حكامة وسياسة أمنية، خاصة وأنه منبثق من رحم المنتدى المغربي للحقيقة والإنصاف، والذي تناول العديد من القضايا الخاصة بضحايا الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان.

فالمركز المغربي للديمقراطية والأمن هو خطوة جريئة، استطاع تبني سياسة أمنية قادرة على قيادة دفة الإصلاح خاصة وأنه أشار إلى أنه لا يوجد انتقال ديمقراطي بدون انتقال أمني. فالسيد المنوزي اعتبر أن عدالة الانتقال الأمني هي كعبور آمن نحو الديمقراطية، والأسباب أو البواعث التي دعت إلى العمل في هذا الإطار عي اعتبار أهم الضمانات لتحقيق العدالة الانتقالية، ثم إقرار حكامة أمنية بدمقرطة استعمال القوة العمومية لمواجهة الشطط في استعمال السلطة والقانون.

فالانفلات الأمني هو المتسبب في الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، ومن تم يجب التسوية السياسية بمقاربة حقوقية لضمان الحريات العامة والحفاظ على النظام العام، وبالتالي ضرورة وجود رقابة قضائية على الأداء العام. وقد قام بتشخيص وضعية الانتقال الديمقراطي المتعثر، وطرح عدة تساؤلات عن سبب ذلك، منها لماذا لم يحصل انتقال ديمقراطي؟ ولماذا تعثر الانتقال السياسي؟

وخلص إلى أنه بدون انتقال أمني لا وجود لانتقال ديمقراطي، خاصة مع المجهودات المبذولة من قبل الأمن مع أن النسبة الأكبر مخصصة للنظام، وبالتالي إعادة النظر في أن المن مجال محفوظ مخصص لرئيس الدولة.

بعد ذلك تناول الدكتور المصطفى بوجعبوط رئيس المركز المغربي للعدالة الانتقالية ودراسة التقارير الدولية الكلمة بمداخلة بعنوان: إيكولوجية العدالة الانتقالية مسار لم يكتمل بعد، وأشار إلى أن تجارب العدالة الانتقالية تختلف من حيث المضمون والجوهر من تجربة لأخرى. فموت الديكتاتورية رهين بنمو الديمقراطية، ومن خلال تقييم تجربة هيئة الإنصاف والمصالحة (1956-1999) والتي تشير إلى ملفات أخرى خاصة مجهولي المصير.

وهناك 7 ملاحظات:

  • تقييم عمل الهيئة والمجلس الوطني لحقوق الإنسان وعرض مجموعة من التقارير والأنشطة؛
  • خلال استعراضه لا بد من تقديم تقرير شامل للتجربة؛
  • الكشف عن الحقيقة في تجربة الهيئة خاصة في الملفات العالقة؛
  • إشكالية رفات الضحايا 81-84-99 ضحايا تزمامارت بخبرة جينية معترف بها عالميا؛
  • ملفات خارج الأجل لضحايا الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، وهناك بعض الإشكاليات في هذا المجال التي يجب النظر فيها؛
  • الملفات العالقة المتعلقة بالتقاعد التكميلي لبعض ضحايا الانتهاكات؛
  • تثمين مبادرة المجلس الوطني لحقوق الإنسان في 2024 لكن هناك بعض الإشكاليات التي يجب معالجتها؛

 

 

وتم الخروج بعدة استنتاجات يمكن توضيحها على الشكل التالي:

  • إثارة النقاش الحقوقي في التجربة المغربية؛
  • استخراج الرفات وفق أدلة علمية ذات خبرة جينية وبنك للبيانات؛
  • توسيع اختصاصات لجنة تتبع لجميع انتهاكات حقوق الإنسان؛
  • إصدار تقرير مفصل لكل الضحايا؛
  • مخرجات الهيئة واستعمالها كمدخلات لعلاج ما تبقى من انتهاكات؛
  • متى ننتهي من هذا الملف وما تبقى منه.

وقد تم فتح باب النقاش الذي تناول العديد من التقاط التي تمت مناقشتها من قبل الأساتذة المحاضرين.