تقرير حول قراءة في المؤلف الجماعي حول: “المغرب وتوجهاته الجديدة في إفريقيا”
تقرير حول قراءة في المؤلف الجماعي
المغرب وتوجهاته الجديدة في إفريقيا
السبت 16 أبريل 2022 على الساعة 22:00 ليلا.
نظم المركز المغربي للعدالة الانتقالية ودراسة التقارير الدولية بشراكة مع المنتدى المغربي للباحثين في الدراسات السياسية والدولية قراءة في المؤلف الجماعي “عن بعد” حول موضوع: المغرب وتوجهاته الجديدة في إفريقيا”، يوم السبت 16 أبريل 2022 ابتداء من الساعة العاشرة والنصف ليلا .
وكانت هذه الندوة من تسيير الأستاذة خديجة الطويل التي قدمت المؤلف وأهميته وراهينيته وبعدها أعطت الكلمة للدكتور محمد جعفر أستاذ علم السياسة والقانون الدستوري كلية الحقوق – مكناس، والذي أكد أن العلاقات المغربية الإفريقية في العهد الجديد تميزت بالانفتاح في العديد من المجالات والدور المحوري الذي لعبته المؤسسة الملكية، مما كرس لمجموعة من المكتسبات التي مهدت الطريق للمغرب بالرجوع إلى حظيرة الاتحاد الإفريقي، وتدعيم الروابط الدبلوماسية السياسية والاقتصادية مع دول القارة من خلال الزيارات الملكية التي رسخت الروابط داخل المحيط الإفريقي.
وانطلاقا من انخراط المغرب داخل محيطه الإفريقي ضمن مبدأ المصلحة المشتركة، وفي إطار التعاون والتضامن والشراكة النفعية، وقد استطاع المغرب الانفتاح على عمقه الإفريقي في إطار علاقات ثنائية ومتعددة الأطراف وفق خطة استراتيجية محكمة حيث تمكن من كسب أنصار له فيما يخص قضية الوحدة الترابية بالاعتماد على عدة مقاربات التي كان لها بالغ الأثر فيما يخص القضايا الحيوية للمملكة.
وقد أعطيت الكلمة للأستاذ بوسلهام عيسات، باحث في الدراسات السياسية والدولية، كلية الحقوق – أكدال، الذي تناول موضوع ترسيم الحدود البحرية الخاضعة للسيادة المغربية التي ضرورة تشريعية وغاية سيادية بموجب القانونين رقم 37.17 والقانون رقم 38.17، جاءت في سياق عمل المملكة المغربية على تحيين وملائمة التشريع الوطني المتعلق بالمجالات البحرية مع الاتفاقيات الدولية التي تعتبر المملكة المغربية طرفا فيها، ولاسيما ظهير 21 يوليوز 1958، وظهير 2 مارس 1973 وظهير 8 أبريل لسنة 1981، خصوصا وأنه قد مرت على مصادقة المغرب على الاتفاقية المذكورة حوالي ثلاثة عشر (13) سنة.
يعتبر الميناء الجديد الداخلة الأطلسي مشروعا رائدا من ضمن المشاريع التنموية المدرجة في إطار النموذج الجديد لتنمية الأقاليم الجنوبية للمملكة، ويندرج هذا المشروع الذي كان موضوع اتفاقية خاصة تم توقيعها أمام جلالة الملك في فبراير 2016، في إطار التعليمات السامية لجلالة الملك، والتي أكد عليها في خطابه السامي بمناسبة الذكرى السنوية الخامسة والأربعين للمسيرة الخضراء.
أكد جلالة الملك في خطابه أنه “وانطلاقا من هذه الرؤية، ستكون الواجهة الأطلسية، بجنوب المملكة، قبالة الصحراء المغربية، واجهة بحرية للتكامل الاقتصادي، والإشعاع القاري والدولي. فإضافة إلى ميناء طنجة -المتوسط، الذي يحتل مركز الصدارة، بين موانئ إفريقيا، سيساهم ميناء الداخلة الأطلسي، في تعزيز هذا التوجه”.
ويكتسي هذا المشروع أهمية استراتيجية بالنسبة لإفريقيا الغربية والأقاليم الجنوبية للمملكة المغربية وخاصة جهة الداخلة وادي الذهب، حيث سيتيح، من جهة، دعم التنمية الاقتصادية والاجتماعية والصناعية للجهة في جميع القطاعات الإنتاجية (الصيد البحري، الزراعة، التعدين، الطاقة، السياحة، التجارة، الصناعات التحويلية…). كما سيمكن من جهة أخرى، من تزويد المنطقة ببنية تحتية لوجيستيكية حديثة ومتطورة ستمكن من استقطاب الفرص المستقبلية التي يوفرها قطاع النقل البحري على المستوى الدولي.
بعد ذلك وجهت الأستاذة خديجة الطويل الكلمة للأستاذ ياسر الصافي، الذي تكلم عن منطقة التبادل الحر الإفريقية القارية التي تعد أكبر منطقة للتجارة الحرة على المستوى الدولي، تروم تحقيق التنمية والاندماج الإقليمي الإفريقي عبر ربط أسواق البلدان الإفريقية بعضها ببعض، وذلك عن طريق الرفع التدريجي للحواجز الجمركية وغير الجمركية، إلى جانب معالجة التفاوتات بين قدرة القارة ومكانتها على المستوى الدولي. لابد من الإشارة أن هذه المنطقة انبثقت عن منظمة الاتحاد الإفريقي ضمن إطار الأجندة الإفريقية لسنة 2063 لتعزيز التجارة البين-الإفريقية. كما تخول منطقة التجارة الحرة الإفريقية مكاسب كبيرة لكافة الدول الأطراف في الاتفاقية طبعا وفقا لإمكانياتها الاقتصادية وغيرها من الإمكانات. من هذا المنطلق يعد المغرب من بين هذه الدول الأوفر حظا للاستفادة من هذه المنطقة، نظرا لتوفر المتطلبات الاقتصادية والجغرافية والبينات التحتية والخبرات اللازمة، وهي فرصة أيضا بالنسبة للمغرب لإتمام استراتيجيته الاقتصادية نحو إفريقيا التي شرع في تطبيقها منذ سنوات.
فالمغرب يرى أنها ستساهم في ملاءمة السياسات والأولويات على المستوى القاري في ظل احترام مبدأي التفريع والتكامل. ويتشبث المغرب في هذا الصدد بالتضامن والتعاون النشط الذي سيتيح للمنطقة تحقيق كامل إمكانياتها. ومن بين السبل التي تقدم بها المغرب في هذا الاتجاه خلال انعقاد القمة 13 الاستثنائية للاتحاد الإفريقي المتعلقة بمنطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية في دجنبر 2020،هي تنمية التجارة البين-الإفريقية. والأمر المهم هو إعداد استراتيجيات للشركات الصغيرة والمتوسطة والصناعات الصغيرة والمتوسطة، قصد تسهيل التجارة وتشجيع رقمنة الاقتصاد الإفريقي. كما أن إرساء قواعد المنشأ سيدعم الاندماج والتكامل الاقتصادي الإفريقي، بحيث ستتيح هذه المعايير تطوير سلاسل القيمة على أساس تكميلي على المستوى الداخلي للقارة.
ثم تناولت كريمة الصديقي رئيسة المنتدى المغربي للباحثين في الدراسات السياسية والدولية ، الكلمة حول الأمن الروحي في العلاقات المغربية الإفريقية، حيث استطاع المغرب الحفاظ على مكانته المتميزة التي يحظى بها على المستوى الإفريقي والمبنية على أسس دينية وروحية عميقة، عبر سعيه الدائم والمتجدد إلى تعميق وتعزيز العلاقات مع بلدان إفريقيا جنوب الصحراء التي كانت دائما ولاسيما بلدان غرب إفريقيا مرتبطة بشكل كبير بالموروث الديني المغربي الذي تشبعت منه ومن أفكاره، وكان هذا عبر تفعيل المملكة المغربية للعديد من الآليات التي أنيط بها تعزيز العلاقات المغربية الإفريقية في بعدها الروحي.
يندرج لجوء المغرب إلى تصدير تجربته في مجال “الأمن الروحي” إلى إفريقيا ضمن رؤية استراتيجية متعددة الأبعاد تروم تطوير علاقات التعاون الثنائي مع دول القارة، والإسهام في جهود مكافحة التطرف وتعزيز السلم في منطقة الساحل جنوب الصحراء ومن ثمة تكريس الحضور الإقليمي للمملكة على الصعيد الدولي. لكن هذه السياسة الطموحة تواجه تحديات متنوعة قد تحد من فعاليتها وبلوغ الأهداف والغايات المرسومة لها، وينبغي التأكيد بداية على أن الاستراتيجية الدينية الجديدة الموجهة نحو إفريقيا هي ليست وليدة اليوم، بل لها بوادر وامتدادات في السياسة الدينية السابقة، وتحديدا تلك التي تمت بلورتها منذ منتصف الثمانينات، كنوع من الديبلوماسية البديلة أو الموازية، لكسر عزلة المغرب على المستوى القاري وإنعاش القنوات السياسية والديبلوماسية المنسدة بعد انسحاب المملكة من منظمة الاتحاد الإفريقي سنة
وتوظف المملكة المغربية في اكتساحها لمحيطها الإفريقي في المجال الديني الروحي العديد من الآليات التي تحقق الإشعاع الديني، من أبرز هذه الآليات إمارة المؤمنين التي تتسم بالاستمرارية والثبات، والتي انبثقت عنها عدة آليات فرعية تلعب أدوار طلائعية بدرجات متفاوتة، ولكنها يجمعها الهدف الرئيسي وهو انصهار العلاقات المغربية الإفريقية في ظل دين الإسلام بقيمه العادلة القائم على التسامح والتعايش السلمي.
كما كان البعد الصوفي والروحي حاضرا بقوة في العلاقات بين المغرب وبلدان إفريقيا الغربية من خلال الأدوار المختلفة التي اضطلعت الزوايا والطرق الصوفية التي انطلق أغلبها من المغرب، وبالتالي شكل هذا الأخير بشيوخه وزواياه مرجعا بالغ الأهمية لأتباع هذه الطرق التي قامت بأدوار هامة في نشر الحضارة العربية والإسلام في المنطقة الإفريقية، وفي الدفاع عنه أمام التيارات الأوروبية والحركات التبشيرية المسيحية. كما حرصت هذه الزوايا أيضا على استمرار العلاقات التجارية بين المغرب وبلاد السودان من خلال اتخاذ الإجراءات الكفيلة بتذليل الصعاب وتجاوز الأخطار التي واجهتها القوافل التجارية تسهيلا لعملية العبور وتشجيعا لهذا النشاط، وبالتالي شكلت أهم القنوات التي تم عبرها التبادل التجاري بين المغرب وإفريقيا جنوب الصحراء.
وقد اختتمت هذه الندوة على الساعة الحادية عشر والنصف بعد الإجابة على معظم التساؤلات التي تم طرحها على منصات التواصل الاجتماعي بالأخذ بعين الاعتبار الأهمية التي يكتسيها الموضوع.